17‏/06‏/2008

43- مُسَلْسَلْ : "وَنَفْسٍ وَ ما سَوَّاها"

تأليف : سهى

الحلقة الاولى:
اثنان من الرجال، في الخمسين من العمر، جالسان على طاولة في مقهى وبشربوا شاي بقرفة، واحد إسمه " أبو معروف " والتاني " أبو منيع "، قاعدين ومرتاحين بيوم هالجمعة، والشمس على وشك الرحيل، وبدأ " أبو معروف" يولّع سجارة لف، وبلّش الحديث:
أبو معروف بغني: يا وابوور قلي رايح على فيياين....يا وابوووورر قليييي راااايح على فينننن ...يا وابووور قلي ...يا وابووور قلللييييي...رايح على فيييييييييننننننننن
أبو منيع: شو! اليوم شايفك رايق وبتغني! الله لا يحسدك يا أبو معروف، عيني عليك باردة
أبو معروف: والله ياخي في مثل بيقول ساعة لقلبك وساعة لربك، يخي الدنيا بدها هيك وهيك، وبعدين صوتي حلو، ولّا إلك رأي تاني؟
أبو منيع: ها ها ها والله صوتك حلو بس مخشّن شوي من هالسم اللي بتشربه، الله يتوب عليك منه.
أبو معروف: آمين، الله يسمع منك.
أبو منيع: على سيرة ساعة لقلبك وساعة لربك، هداك اليوم وإحنا بمضافة الحج ابو شُكري، قعدت تدافع عن النصارى، حتى دافعت عن كل أهل الكتاب،لدرجة إنو لكزني المغضوب عليه ابو شريف وقلي: شو مالو صاحبك؟ شكلو مش عارف شو بيحكي وخرّف! والله يا أبو معروف كان كلامك مش زي اللي بسمعه من هالناس، قُلي يخي شو القصة؟
أبو معروف: والله في قصة، وبحمد الله إنو في قصة، القصة يعني تجربة، هالتجربة خلّتني أعرف ربي وأعرف قرآني.
أبو منيع: كيف يعني؟ إنت مسلم، يعني لازم تكون عارف القرآن، يعني تقرأه وتحفظه، والله ما شا الله إبني مسعود حافظ أكم من جزء الله يرضى عليه.
أبو معروف: القصة مش بالقراءة والحفظ، الحبكة بفهم المعنى، ومش أي معنى، بدها شغل المسألة والله بدها شغل.
أبو منيع: انا هادا الكلام ما بيدخل عقلي، سيبك منه، إحكيلي شو قصة معرفتك بالقرآن؟
أبو معروف: في بداية التمانينات، بتعرف كنت لسه شباب وشايف حالي ومش مصدّق، بدي أصير وبدي أكبر ومش هاممني إشي إلا إشي واحد، شو أشتغل؟ وكيف أحصّل فلوس؟ كنت وما زلت والحمد لله بصلي وبصوم، ومابعرف من ديني إلا الصلاة والصوم، وكنت أقرأ الفاتحة والمُعوّذات دايماّ و....
صبي القهوة بيقاطعهم وبيسألهم إذا حابيين يشربوا كركاديه نوع أصلي، فوافقوا...
وإجى بدّو يكمّل أبو معروف إلا إجاه إبنه يناديه...
والبقية تأتي....
الجمعة, يونيو 13, 2008 3:30:00 م


الحلقة الثانية:
*إبن أبو معروف: يابا يابا، بتقولك إمي تعال، إجت اختي جميله واولادها وجوزها
*أبو معروف: طيب يابا، شوي وبجي، قول لأمك تعمل أحسن عشا، خليها تحط من اللحمة المفرومة البلدية مش تبعت المؤسسة، يالله يابا روح، الله يرضى عليك.
*أبو منيع: ما شا الله عليك يا ابو معروف، بتحاول تسعد الكل، مع إنو صهرك ما بيستاهل، لئيم يا لطيف
*أبو معروف:يخي ما تسمع للناس، صهري كويس، وإذا مش كويس، الله يهديه. بنتي غلطت معه كمان، طول الوقت وهيّ بتقوله أهلي وأهلي، قلها روحي إنتي وأهلك وإنتي طا.. مابدي أتذكر هديك الأيام الله لا يعيدها. سيبك من صهري هلّأ. وخلّيني أكملّك كيف عرفت القرآن منيح.... كنت ما شا الله عليي شباب و.....

**صوت التلفزيون بيقول: خبر عاجل.... ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في القطاع منذ أمس إلى 14، بعد أن استشهد فلسطيني صباح اليوم متأثرا بجروح أصيب بها في التصعيد الإسرائيلي الذي شهده القطاع و....

*أبو معروف: لا حول ولاقوة إلا بالله! حسبي الله ونعم الوكيل
*أبو منيع: إنا لله وإنا إليه راجعون، يارب شو اللي بصير، لمتى يا رب؟! بتعرف ياأبو معروف إنو المسلمين حلفوا إذا الأقصى صار في إشي، رح يوقفوا وقفة رجل واحد ويهاجموا إسرائيل و يقضوا عليها.
*أبو معروف بيضحك ضحكة عالية وقال: مين أهم البشر أم الحجر؟ كم مرّة إنذكر الأقصى بالقرآن؟ مرّة وحدة. طيب الإنسان والبشر وبني آدم كم مرّة إنذكروا؟ كل القرآن إلهم ولكرامتهم، طيب، المسلمين خايفيين على الحجر وسايبين البشر تموت! والله إحنا عُبّاد حجر وشعارات وأصنام...
*أبو منيع: كفرت والله العظيم كفرت ياابو معروف، الله يهديك
*أبو معروف: لا كفرت ولا إشي، إذا المسلمين خايفين على الأقصى هيك، إذن ياريت في نُسخ منه في كل مكان، في غزة، في يافا، في النجف وكربلاء، دير بالك بقول في النجف وكربلاء، في لبنان، في باكستان، في إيران وين ما كان...شاطرين نحط صور الأقصى ونقول( لن ننساك ياأقصى) يعني إحنا بعاد عنك ورح نظلنا بعاد بس مش رح ننساك، شعارات ما إلها معنى. زي شعار ( الإسلام هو الحل) شو يعني؟ عارف هذا الشعار زي أيش؟
*أبو منيع: زي أيش؟ والله كلامك غريب
*أبو معروف: زي الإنسان اللي لبسّناه خيمة، الخيمة راح مقاسها وشكلها، والإنسان ضاع تحتيها! آخ يخي يا أبو منيع، شغلتين بوجعوا قلبي، الدين والسياسة، والإثنين مربوطين مع بعض... آآآآآآخخخخخ، بدي أقوم أشوف أحفادي، عن إذنك.
**قام أبو معروف وهو بغني: يا وابوور قلي رايح على فيييين....يا وابوووورر قليييي راااايح على فينننن ...يا وابووور قلي ...يا وابووور قلللييييي...رايح على فيييييييييننننننننن
السبت, يونيو 14, 2008 5:02:00 م


الحلقة الثالثة:
الدنيا قريب الظُهر، يوم سبت. في بهالحارة سوبرماركت طويل عريض، إسمه (إتوكلنا على الله)، صاحبه أبو شريف، قاعد فيه هوّ وإبنه شريف اللي بسنة ثالثة في الجامعة، تخصص جغرافيا.
* أبو شريف: ولَك كم مرّة قلتلك أي واحد بيشتري بالدين، بتحط زيادة لمّا تسجلها على الدفتر، يعني أشترى بدينار، بتحطها بدينار وعشرين قرش او أكتر، حسب حالة اللي بيشتري! لمتى رح أظلني أفهمك، حسبي الله ونعم الوكيل، يارب انا شو سوّيت عشان تبليني بولد عبيط.
* شريف: حاضر يابا، ولا يهمّك، انا مرّات بنسى. واللهِ إلّا أسخطلك كل واحد بيشتري، وبالأخص أبو معروف وجماعته اللي عاملين حالهم فهمانين وملائكة.
* أبو شريف: برافو عليك يابا، الله يرضى عليك، هيك إنت إبني ومن صُلبي. إسمع كمان شوي رح يأذن الظُهر، بدي أتوضى بسرعة وأروح على الجامع وأكون بأول صف، قبل مايجي الحج أبو شكري وأبو معروف وأبو منيع وهالشلّة، أوووف شو دمهم ثقيل، بعيين الله على ما ابتلانا.
*شريف: حاضر يابا، بدي أتصل بإمي أشوف شو بدها تسويلنا غدى.
** شريف عمّالو بيتصل بإمه...ترررم ترررم...ترررم ترررم
* إم شريف: السلام عليكم، مين بيحكي؟
* شريف: وعليكم السلام يمّه، انا شريف، كيف حالك يمّه؟ شو طابخة اليوم؟
* إم شريف: لا طابخة ولا نافخة، يادوبك صحيت، خواتك قاموا الصبح نظفوا شوي، بس ماعملوا أكل، وأنا كمان شوي بدي أعمل دلّة قهوة وأروح على مصلى النساء عشان صلاة الظهر، مابعرف قديش رح أقعد هناك. بحكي لخواتك يعملولكو بطاطا وبيض.
* شريف: طيب يمّه، الله يتقبّل مِنك صالح الأعمال.
** أبو سمرة صاحب شريف بيدخل السوبرماركت وبسلّم عليه وبيقعد عنده شوي
* أبو سمرة: شو يا أبو الشباب شايفك مبلّم شوي، خير إن شا الله؟
** شريف ما بجاوب، وبنفس اللحظة بتدخل شحّادة كبيرة بالسن وهيّ بتقول( حَسنة لله.... يامسلمين حَسنة)...شريف بيعطيها اللي فيه النصيب.
* أبو سمرة: ولَك شو اللي عملته؟! مش إحنا أبدى بكل هالفلوس! لو رُحنا على السينما او كوفي شوب(أخصماك..آه)!
* شريف: حِل عني هلّأ، ما بعرف شو مالي، حاسس حالي ضايع! والله إني ضايع!
** وصار شريف يغني ويقول: يابا يابا له... يابا يابا له ...يابا مَن شرّدلي الغزالة؟....زكرت الزين...أخذوها لوين؟....قالوا هيّ هيّ شردت لَ حالها....يابا يابا لهههه.....

والبقيّة تأتي....
الأحد, يونيو 15, 2008 5:02:00 م

الحلقة الرابعة:
في بيت أبو معروف، " فاطمة"، صبيّة وصفوها إنها أُخت رجال، صيدلانيّة عندها الدوا، عارفة شُغلها تمام. قاعدة بغرفتها بساعة صفا مع بنت أبو شكري "عايشه"، اللي متزوجة لأحمد إبن أبو العِز من زمان...

*فاطمه: عاش من شافك يا عايشه، وينك؟ نيّاله اللي مآخذ عقلك، وإحنا ضاعت علينا
*عايشه: ياحسرتي أنا، يا حسرةً لا أكادُ أحملُها! الكُل قال، نيّالها عايشه، متزوجة لإبن أبو العز! وأنا صابني الغرور، والغرور ما نفعني.
*فاطمه: أنا ما بدي أسألك ليش بتحكي هيك، بس دايماً أبوي بقول إلنا: يا ولادي، ديروا بالكو من الغرور، الغرور بطلّع الإنسان من رحمة الله وجنته.
*عايشه: كيف يعني، ما فهمت، أنا بعرف إنو الغرور صفة مش منيحة بالإنسان، بس إنها تطلّعه من رحمة الله وجنته، هذه مبالغة!
*فاطمه: ليش مبالغة! فكري فيها، ليش الله طلّع إبليس من الجنة؟! إبليس المخلوق من نار، رفض أوامر الله بالسجود لبشرٍ من صلصال! فأخرجهُ الله من الجنّة مرجوم وملعون إلى يوم الدين! يا عايشه، أنا بعتبر الغرور بداية الكبائر، أصلاً هوّ أبو الكبائر، وأبو الخطايا والمصايب كُلها.
*عايشه: أبوكي يا فاطمه عنده الصبر والحِكمة، ما شا الله عليه، مع إنه في ناس مش راحمته وبيحكوا عليه أشكال وألوان، وأولهم المنافق أبو شريف، إللي قدامه بيحكي كلام زي العسل ومن وراه بقلّل من قيمته وعقله.
*فاطمه: بتعرفي إنو الغيرة بين الرجال أقوى من الغيرة بين النسوان! يالطيف، بتكون كتير هدّامة و قتّالة! يا الله على الحقد والغرور، اللي بتخلي القلوب من نار السَّمُوم!
**بتتنهد فاطمه تنهيده قوية، وبسود الصمت العميق...
*فاطمه بتقطع الصمت وبتقول: هلّأ خلينا يا عايشه من كل هالقصص. قرأتي الجريده اليوم؟ بقولوا أميركا وإسرائيل ناويين يهجموا على إيران؟ والمسألة بس مسألة وقت.
*عايشه: يا ريت هيك وبس! كثير من العرب والمسلمين بهاجموها! وخايفين منها، وبقولوا خطرها أقوى من خطر إسرائيل! سمّوه الخطر الشيعي والفارسي! قبل فترة، سمعت هالحديث، وحسّيت إني لأول مرّة بسمعه: أخرج الإمام البغوي،عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم، تلا هذه الآية من سورة محمد: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ فضرب على فخذ سلمان الفارسي ثم قال: «هذا وقومه، ولو كان الدين عند الثريا لتناله رجال من الفرس».
فاطمه بتبتسم إبتسامة غامضة وبتقول: غريب يا عايشه كيف غيّرتي نظرتك لإيران ولِمَن يوالي إيران!؟
*عايشه بتقول وهي حزينة: مش انا قلتلك ال......
**صوت واضح وقوي بيقول: الله اكبر الله اكبر......... الللله أكبر الله اكبر .....أشهد ان لا إله إلا الله....أشهد إن محمداً رسول الله.....
**صوت آذان المغرب طغى على أي صوت، كل الأصوات خفتت وإختفت......وظل صوت واحد يقول ألله أكبر....

**قامت فاطمه وعايشه بصف واحد يصلّوا....
ولحديثهم بقيّة....
الاثنين, يونيو 16, 2008 4:59:00 م


الحلقة الخامسة:
رجال الحارة في بِكَب كبير، صاحبه أبو شريف، رايحين في مشوار لمزرعة أبو معروف، مزرعة على تلّة صغيرة، فيها ما لذ وطاب. هَواهَا خَلَّ العليل من مرضهُ طاب. وِصلوا، فرشوا الأرض بساط، وقعدوا، وكل واحد سارح بِفكرهُ.

* أبو شريف فجأة بيقول: مش لو جبنا معنا شوية أكل بدل ما إحنا قاعدين وسارحين!
* أبو معروف بيقول: قدامك ياأبو شريف المزرعة بطولها وعرضها، خذ اللي بدك إياه، وياريته صحتين وعافية على قلبك.
* أبو شريف بيقول: ما بدي خُضرة وفاكهة، ياريت جِبنا ذبيحة وشويناها.
* أبو منيع بيقول: ما بتفكر إلّا ببطنك! إبصر شو يصير فيك من أكْل اللحم والشحم! مش شايف حالك كمان شوي رح تنبط!؟
* أبو شريف وهوّ مغيوظ بيقول: قل أعوذ برب الفلق! ياويلي عليكم شو حسوديين! الله يخليني بصحتي وعزّي، وأظلني لَ اللحم من العاكفين، وأتمسخر عليكم يا مساكين!
** ضحكوا الرجال، وتبادلوا النُكت ودخلوا في مواضيع ونقاشات، ولمّا كانوا على هالحال، لاح إلهم طيف من بعيد، توقفوا عن الحكي والحديث، وصار كل واحد يطلّع والفضول مالييه، شافوا شيخ مهيب، بمشي شوي شوي للمكان الّلي قاعدين فيه...
* أبو منيع بيقول: زي أكنّه هالشيخ طالع من كُتب التاريخ!
* أبو شريف بخوف بيقول: والله شكلهُ ياجماعة مش مريح، ديروا بالكو على فلوسكو. بلاش يطلع من قُطّاع الطرق!
* شريف بيقول وهوّ مشدوه: شِكله شيخ ساحر ومسحور!
* أبو سمرة بإستهزاء بيقول: بلكي يكون عنده عرس وبدّور على مين يُدبك ويُرقص!
* شريف بيضحك وبيقول: أو يعطينا مواعظ مِن الّلي أكل عليها الدهر وشرِب ها ها
* أبو شكري بيقول: يا خوفي يكون من شيوخ السلاطين!
* أبو معروف بتأمُّل وراحة بيقول: لعلّهُ يكون رجلٌ رشيد، ويكون عنده الخبر اليقين.
** إقترب الشيخ الجليل منهم وبصوت رخيم قال: السلامُ عليكم.
* الرجال بصوتٍ واحد بِردّوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
** بسود السكون....
* بوقاحة، أبو سمرة بيقطع السكون وبيقول: من وين إنت يا مولانا؟! أول مرّة بنشوف طلعتك البهيّة!
* الشيخ المهيب: من بلاد الله الواسعة يا بُني.
* بيقول أبو معروف ليتدارك وقاحة أبو سمرة: أهلا وسهلا فيك يا شيخ، والله شرّفتنا، تفضّل، الأرض أرضك.
** ودار بين المجتمعين الأحاديث، إلى أن تساءل شريف: شو وصّلنا لَهلْ الحالة؟! ضايعين ومش عارفين حالنا وين؟!
* أبو سمره بيقول: والله الحق على الطليان...
* الشيخ المهيب بهدوء بيقول: سأروي لكم هذه الحكاية، في القرن التاسع عشر، وبالتحديد عام 1850، سرت إشاعات في إحدى المُدن بإنهم رأوا المهديّ في مقبرة المدينة، وسُرعانَ ما تحوّلت المقبرة إلى مزار جماهيريّ، وأخذ الناس يقدّمون الهدايا والقناديل إلى المزار في المقبرة، وكان من بينهم القنصل الإنجليزي، الذي قدّم المصابيح هديّة للمقام! وأفتى إمام المدينة، بقتل من يَسْكَر أو يلعب القِمار بجِوار المقبرة! كما أعفى الحاكم المدينة من الضرائب!!
** أرخى السكون مرّة أخرى بظلاله الثقيلة على الصدور....
* تنهد أبو معروف وقال: ما أشبه الليلةَ بالبارحة!

*** كما أتى هذا الشيخ المهيب كطيف، ذهب كطيف.....

الثلاثاء, يونيو 17, 2008 4:59:00 م
الحلقة السادسة:


حجّة عُمرها بالتسّعين، من سُكّان الحارة، اليوم خلعت ثوب الطين، روحها راحت بأمر من ربها العزيز الرحيم....إلتفتت وَرَاها....شافت بيتها الصغير.....قاعدين فيه نسوان، سامعين القرآن.....ومش سامعين...

* تُقى بنت أبو شريف بتقول: يا ألله يا نيفين، مبارح إشتريت فستان توتي بعقّد، ما أظن حدا عنده متلهُ، وسعرهُ بجنن.
* نيفين أُخت أبو سمره بتقول: ياييي، بموت باللون التوتي، قديش حقهُ؟ أكيد كتير!
* تُقى وهيّ بتضحك من تحت لتحت بتقول: لأ، مش كتير، سعره 50 دينار، بس رح أقول للناس بِ 150 دينار، بس خلّي الحكي بيني وبينك.
* نيفين بتقول: آخ منك يا شقيّة! علّمتك الشِحدة، سبقتيني على الابواب! برافو عليكي! الناس بتصدّق الوهم والإيحاء، وما بتشوف الحقيقة ولا بتفكّر فيها، وإحنا الّلي كسبانيين. إيمتى رح تلبسي هالفستان؟ بعرس صفيّة؟
* تُقى بتقول: بكل أعراس هاذي الصيفيّة.
* نيفين وهيّ مستغربة بتقول: بكل الأعراس؟! وَلِك هيك بقولوا الناس إنو بنت أبو شريف بخيلة وما عندها إلّا فستان واحد!
* تُقى بثقة وتحدّي بتقول: يا غبيّة، مش قلتي بالوهم والإيحاء كل إشي بصير! طيب، في كل عُرس بقول للناس، شوفوا هذا الفستان جديد، وبظلني أأكّد إنو الفستان جديد، لَحد ما أخليهم بالفعل يقولوا: تُقى بنت أبو شريف بكل عُرس بتجي بفستان لون وشكل جديد!
* نيفين بتقول: والله إنك شيطانة! خليك هيك ! تربايتي والله!

** بزاوية من زوايا البيت، صوت القرآن بيصدح... والنفوس بعيدة عنّهُ بتسرح... بزاوية تانية... في كلام بِفور و بِدُور بين هالنفوس...

* إم معروف وهيّ حزينة بتقول: ألله يرحمك ياحجّة، والله كنتِ غالية علينا، شو كانت تحكي جواهر! وشو ساعدتنا ووجّهتنا! يا ريتها عاشت كمان.
* إم شريف وهيّ لاوية تمها بتقول: شو تعيش كمان؟! بكفيها 90 سنة! يا ريت أعيش قدها! فكرك كيف رح يوزعوا ثروتها؟ أكيد رح يتقاتلوا عليها.
* إم شكري بتقول: ياإم شريف، الواحد لمّا بيكبر، بتصير معزته بقلوب الناس أكتر، خصوصاً لمّا يكون دَالِلْ على الخير وفِعلُهُ، ومن الصالحين والصابرين.
** بعيد عن القاعدين...في بنت حزينة، قلبها بكى على سِتْها...وإتذكرت فجأة أُغنية بتقول ( ستي يا ستي...إشتقتلك يا ستي...علّيي صوتك...صوتك بعيد)، قلبها وعيونها بكوا بزيادة، وقالت...يا حسرتي، خسرتك يا ستي...

** ولسّه صوت القرآن بيصدح...بس لسّه القاعدين...إيديهم بالطين وبالزخارف بتمرح....

* نيفين بتقول:
شُفتي بنت جارتنا؟ إلها 3 سنين متجوّزة، ولهلّأ الله ما أعطاها اولاد! بتستاهل شو شايفة حالها! كانت يا دوب تحكي معي، قلها ألله تعالي أورجيكي! وأنا بسنتين جبت ولدين! شُفتي ما أشطرني!
* تُقى بتقول: وكمان بقولوا إنو جوزها مش طايقها، بلكي يطلقها، وتنزل من برجها العالي، وإن شا الله هالبرج بطييح فوق راسها! هاها، وَلِك دموعي نزلت من الضحك! يا خوفي الناس تصير تحكي!
* نيفين بتتمسخر وبتقول: ياهبلة، الناس رح تقول: هاذي دموع الحُزن على الحجّة اللي تسهّلت! أصلاً ما حدا منتبه للتاني، ما كُل واحد في بالهُ فِكر، وكل وحده بتعيّط على حالها ومالها! وما راحت إلّا على هالحجّة!
* تُقى بزلّة لسان بتقول: والله ما راحت إلّا علينا.
* تُقى إنتبهت لحالها وقالت بسرعة: بدّي أروح أقول لإمي تعطي درس دين، لإنه ماحدا سامع القرآن، وحرام يظل يدور على الفاضي، بس هلّأ ما شا الله عليها إمي ، أول ما بتحكي، الكل بيسكت.
** قامت إم شريف وحكت، والكل سكت، وقالت: هلّأ الحجّة حطّوها بحفرة متر بمتر، وأول ما يسكروا عليها، بيجيها مَلَك، بِشدها من شعرها، وبِقُول إلها: إحنا مسجلين إلك كل حسناتك وسيئاتك و.....

*** الحجّة قامت بصرها عن بيتها.....وسِمعت أصوات جايه من قريب...بتقول إلها: يلّله يا حجّة...القطار ماشي على وقت معلوم...قطار ماشي في نفق آخره نور....إتركيهم....خلّيهم...في أُمورهُم يختَصِمون...
**** الحجّة وهيّ مستبشِرة بتقول: يَا ليتَ قَومِي يَعْلَمُون، بِمَا غَفَر لِي رَبّي وجَعَلَني من المُكْرَمِين....

الأربعاء, يونيو 18, 2008 5:00:00 م

الحلقة السابعة
في ساعة العصر، صبيتين ماشيين، على أطراف المدينة، شافوا راعي غنم في البريّة، الراعي معه راديو صغير، بِيسَليه في وقته الطويل،
وكان الراعي بِردّد من بَعده وبيقول:{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ }
* عايشه بتقول: فِكْرك يا فاطمه، شو معنى العصر في هذه الآية؟
* فاطمه بتقول: الّلي بعرفهُ إنو العصر هون بيعني: الزمان الذي يقع فيه حركات الإنسان من خير وشر، أيَّ زمن، أيَّ دهر الّلي بيكون فيه صراع بين الخير والشر.
* عايشه بقهر بتقول: والله عصرنا هذا كثرت فيه الصراعات والفِتن، أدعُوك ياربي بالفَرَج.
** ظلّوا في هالطريق ماشيين، بيحكوا في اللي بيصير... وفجأة، شافوا من بعيد بيت كبير وقديم، أوّلها فكّروه سراب، قرّبوا منّهُ، وجدوه حقيقة مش كذب وخِداع.... فتحت فاطمه الباب، دخلوا، وانصدموا من اللي شافوه، شافوا اولاد كبار وصغار، بِرموا حجارة وأشواك، وسألوا الولْدان: مين بتضربوا ؟
قالوا: هذا مجنون!قالوا: هذا شاعر كاذب وممسوس!
** سمعوا صوت حزين ومهموم بيقول: " اللّهم أهدِ قومي فإنهم لا يعلمون
"* بكت فاطمه وعايشه، وقالوا: يارب إستجيب لهذا الإنسان الحزين المكلوم....
** مشوا في البيت وقلوبهم مقبوضة، فتحوا كمان باب، وجدوا الكعبة وحواليها جموع غفيرة وأصنام مكسورة....
ونفس الصوت (بس هذهِ المَرّة بتواضع وقوّة) بيقول: " و قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً
"** إستبشرت فاطمه وعايشه بالخير، وهلّلوا وكبّروا، وقالوا: الحق عُمرهُ ما بيضيع.
** وهُمَّ فرحين ومبسوطين، فتحوا كمان باب، شافوا خِيَم محروقة، وسيوف وسِهام على الأرض موضوعة،
وراية خَضرا مليانة دم وممزوعة، صاحبها بيقول: " هيهات مِنّا الذِلّة ".... " لو كان دينُ مُحمد لايستقيم إلّا بقتلي، فيا سيوف خذيني
" * وصوت ناس بتصرخ وبتنوح: ياحُسين... يا حفيد مُحمّد... ياحُسين
* فاطمه بِوجع وألم بتقول: إحنا بأرض الطّف... إحنا بأرض كربلاء* عايشه بحسرة ودموعها بعيونها بتقول: إنتصروا أولاد الطُلقاء... إنتصروا...ولكن إلى حين.
*** فاطمه وعايشه دخلوا ابواب كتير، شافوا الّلي بيفرّح، وشافوا الّلي بيخلّي العقل يطير والشَعر يشيب...وأخيراً، وصلُوا لباب ضخم كبير، فتحوه، لقيوا غرفة واسعة...واسعة....بِوسع الأرض...قعدوا وتفرّجوا وسِمعوا..
* صوت برنّة الذهب بيقول: إحنا شعب الله...إحنا خُدّام الكعبة...إحنا عِنّا النفط والمال...بدنا نعيش... بدنا نِسْكَر...بدنا نرقص ونغني...وبدنا بالبورصة نلتهي...ومع أميركا وإسرائيل نجيب ونْودّي....والإستسلام خِيارنا الإستراتيجي...
* وصوت مقهور بيقول: وين أموال الأمّة؟ كلها رايحة على القِمار والنسوان وحدائق الحيوان...وحبس الإخوان، وتقسيم الأوطان...وتألييه الأصنام...
* وصوت مبحوح من كل مكان بيقول: تقتّلنا ببيوتنا، وإتهجّرنا، وإنباعت أراضينا، وإنحرقنا بديمقراطية الأمريكان.... وإتحاصرنا بمساعدة إخوانّا خُدّام الذُل والظُلم وقتلة الأنبياء...
** وصوت بقوة الحق والحديد بيقول: زمن الهزائم ولّى...وبدأ عصر الإنتصار...واللهِ سيندحر الباطل...واللهِ إنّه وعْد الله الصادق.
** عايشه بتحدي بتقول: فكرك يا فاطمه شو رح يصير؟!
*** فاطمه بإبتسامة ولا أحلى بتقول: خليكي معي ياعايشه...خلينا مع بعض...وشوفي شو رح يصير...
**** أعوذ بالله من الشيطان الرجيم...بسم الله الرحمن الرحيم: ((وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبرِينَ)).

01‏/06‏/2008

42 - تَقَبَّل مِنِّي تَوْحِيدِي


تَقَبَّلْ مِنِّي تَوْحِيدِي

أُصَلِّي لَكَ يَا رَبِّي صَلاةَ الظُّهْرِ فِي كَنِيسَةْ

تَخْلُو مِنْ حَلاوَةِ الإيمَانِ وَصِدْقِ التَّوْحِيدْ...

وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِحَالِي فََإِنَّكَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمْ ...

وَلا أََمُنُّ عَلَيْكَ عَمَلِي أَبَدًا،

فَلا أَرْجُو مِنْكَ يَا رَبِّي، سِوَى أَنْ تَشْهَدَ لِيَ الأَرْضُ البَارِدَةُ القَاسِيَةُ

التِي قَدْ سَجَدْتُ لَكَ عَلَيْهَا...

حَتَّى إِذَا أَتَى يَوْمُ الحَشْرْ

اليَوْمُ الذِي يَبْحَثُ فِيهِ الإِنْسَانُ عَنْ حَسَنَةٍ وَاحِدَةٍ لتُنْجِيهْ...

لَيْتَ هَذَا الحَجَرُ يَنْطِقُ بِإِذْنِكَ لِيَشْهَدَ لِي...

وَرُبَّمَا يَقُولْ :

"رَبِّي اعْفُ عَنْهَا !

فَمَا مِنْ أَحَدٍ خَطَا عَلَيَّ ، إِلا عَصَاكَ بِكُفْرِهْ !

أَشْرَكُوا بِكَ فَضَلُّوا

جَعَلُوا لَكَ أَنْدَادًا فَتَعِسُوا...

زَيَّنُوا مَقَرَّ عِبَادَتِهِمْ بِصُورٍ لا تَلِيقُ بِجَلالِ وَجْهِكً

وَعَظِيمِ سُلْطَانِكْ...

وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ سِوَى مُؤْمِنََةٍ وَاحِدَةْ...

آمَنَتْ بِكَ وَحَمَلَتْ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ بِقَلْبِهَا وَلِسَانِهَا وَجَوارِحَهَا...

فَإِذَا عَفَوْتَ عَنْهَا...فَإِنَّكَ رَحِيمٌ بِعِبَادِكْ! "

وَرُبَّمَا، يَا مَلِكَ المُلُوكِ وَأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ

تَسْتَبْدِلُ لِي هَذِه البُقْعَةَ مِنَ الحَجَرِ

بِتُرَابٍ مِنْ مِسْكٍ

وَأرْضٍ مِنَ اللُؤْلُؤِ وَالذَّهَبْ...

فِي رِحَابِ جَنَّاتِكَ الوَاسِعَةْ...

فَإِنَّّكَ كَرِيمٌ- تُؤْجِِرُنَا عَلَى القِيَامِ بِحَقِّكَ!

وَإِنِّّي الآنَ فَرِحٌ بِتَرْدِيدٍ دُعَاءٍ قَدْ رَدَّدَتْهُ امْرَأَةَُ طَاغِيَةٍ

إِذْ قَالَتْ :

"رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ ! "

بُشْرَى عَبد الغني الطباخي – كَنَدا


* بُشْرَى تُرِيدُ رَاْيَكُمْ بأُسْلُوبِها في ِهَذِهِ الكلمات وَالخَوَاطِر التي مَرَّتْ فيها فِعلا حينَ صَلَّتْ ذَاتَ يَوْمٍ بِكَنيسَة .