
بِقُلُوب مُؤْمِنَةٍ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ تَلقَّيْنَا هَذَا اليَوْمَ نَبَأ وَفَاةِ المُرَبِّيَة الفَاضِلَة سِتْ خَديجَة مَحْمُود عُثْمَان عابدين صَانِعَة الأَجْيَال مِنَ الطَّالِبَاتِ وَالمُعَلِّمَاتِ التِي انتَقَلتْ إلى رَحْمَة اللهِ تَعَالى فجْرَ هَذا اليَوْم
إنَّا للهِ وإِنّا إِليْهِ رَاجِعُونَ
الجمعة, نوفمبر 18, 2011
هل تكفي الكلمات لرثاء ابنة الخليل لرثاء سيدة الخليل
لرثاء مربية الخليل
هل ستسعفنا اللغة للوفاء بحقك
هل يمكننا أن نحصي مآثرك على الخليل
لقد تركت أعمق الأثر في كل جيل فيها
في كل أسرة من أسرها
لقد كنت بحقّ نموذجاً ومثلاً يحتذى
ومدرسة متميزة في التربية والتعليم والأخلاق والسلوك
سنوات قصيرة لا تعد شيئاً في عمر الزمان أمضيناها معك لكننا تعلمنا فيها ما لم نتعلمه في مدرسة أو جامعة
تتلمذنا على يديك معلمات في ميدان العمل التربوي والتعليمي
وزميلات توطدت علاقتنا الإنسانية والأخلاقية وارتبطت بوشائج وثيقة
نحن آخر جيل من الهيئات التدريسية التي عملت معك
وإنني أغبط الأجيال التي سبقتنا في العمل معك والتعلم منك
نجاح عمرو- الخليل
إنا لله وإنا اليه راجعون... رحمك الله يا ست خديجة عابدين رحمة واسعة وأسكنك فسيح جنانه.. أجل يا نجاح .. وفاتها فقد تربوي لا يعوض..
حنان الشرباتي- الخليل
لَمْ أكُنْ طَالِبَةً فِي مدْرَسَتِها ... لكن أكرَمَنِي اللهُ بالعَمَل معها مُعَلِّمَةً في آخر أشهُرٍ لها في الوظيفة .... فلمْ أعْمَل معَها رحِمَهَا الله في عُمْرِ الوَظِيفَة إِلا أَشْهُرًا قَلِيلَة لا تَتَجَاوَزُ الأشْهُرِ الثَّلاثَة، لكنّني أشهدُ أنَّها علَّمَتْنِي كثيرًا ولخَّصَتْ لي بِهَذِهِ الأيَّام القَلِيلَة تَجْرُبَة قَرْنٍ كَامِلٍ في عَالَمِ التَّرْبِيّة والتَّعْليم، بل قد تكونُ أكْثَرَ...
كَانَتْ وَمَا زَالَتْ وَسَتَبْقَى بالنِّسْبَةِ لِي وَلِغَيْرِي رَمْزًا تَرْبَوِيًّا لن يتَكَرَّرَ أبدًا .....
كَانَتْ وَمَا زَالَتْ وَسَتَبْقَى رَمْزًا للإرَادَة القَوِيَّة والتَّصْمِيم ...
كَانَتْ وَمَا زَالَتْ وَسَتَبْقَى عَلَمًا مِنْ أعلامِ فلسطين، ومن العِظَامِ الذينَ رَفَعُوا من قيمَة العِلْمِ والتَّعَلُّم، ودفعُوا من أجل ذلك الغالي والنَّفِيس من وقتِهِم ومن جُهْدِهِم ومِنْ أمْوِالِهِم ...
كَانَتْ وَمَا زَالَتْ وَسَتَبْقَى منَارَة لمَنْ يريدُ خِدْمَة الوَطَنْ لأجْلِ الوَطَنْ وبلا مُقابِلٍ ...
كَانَتْ وَمَا زَالَتْ وَسَتَبْقَى مجَاهِدَةً بكُلِّ قُوَّة لترْفَع مُسْتَوى التَّعليم ، وتعليم الإناث خاصة ..
كَانَتْ صَاحِبَة مَبادِئ ثابتَة في وقت غير الكثيرون وبدَّلُوا
كَانَتْ صَاحِبَة رِسَالَة واضِحَةٍ فأبهَرَتنا بكنُوز مما عندها من معالم هذه الرسالة التربوية
كَانَتْ صَاحِبَة شخْصِيَّة وَاضِحَة قَوِيَّة وقَفَتْ بقُوَّةٍ وإصرار أمام مجتَمَع بأكمَلِهِ حاربَ تعليم الفتاة فحاربَها ، فخاضَتِ الحَرْب وضَحَّت بشَبابِها لِتَحْفِر للفتيات بعدها طريقا سهْلا يسيرًا للعلم والتَّعلُّم .
كَانَتْ صَاحِبَة نخَوَةٍ .... صَاحِبَةَ قَلْبٍ حَنُونٌ يسأل عن الجميع ويتفَقَّد الجميع ....
عَاشَت مَنارَة وستَظَلُّ مَنارَة لنا جَمِيعًا ... ذَوتْ كالشَّمْعَة لكنَّها أضَاءَت الطَّريقَ لنا ....
لقد كانت موسُوعَة كبيرَةً رحمها الله، ورغمَ تَقَدُّم عمرها وفي سنينها الأخيرة حينَ كانت تستشهدُ أحيانا في كلامها بالشِّعْرِ كُنتُ أخجَلُ مِنْ نفسِي ... حين اسمعها وهي تسترجِعُ بِسُهُولَةِ البَيْتَ والبَيْتَيْنِ وَالقَصِيدَةَ تِلْوَ القَصِيدَة، وكأنَّها حفظَتْها الآن أو كأنَّها تقرأها مكتوبة أماما ... وأنا أكاد لا اقرأ شيئا في الشِّعْرِ ولا الأَدَبِ وإنْ حَفِظْتُ لا استرجع بسهولة ....
فَإِلى جِنانِ الخُلْدِ أَيَّتُهَا الغَالِيَة ...
فقط لو أنَّ روحَكَ تعَرِفُ أحُبُّكِ وأُقَدِّرُك ... وكَمِ اسْتَفَدْتُ منكِ .. وكَمْ عَلَّمْتِنِي ... وكَمْ أعطيتِنِي .... وكَمْ أَثَّرْتِ عَلَيّ ...
وآهِ لو أنكِ تَعْرِفينَ كَمْ كُنْتُ أتَمَنَّى أنْ أُكْمِلَ رِسَالَتِي بِحَياتِكِ لِتَكُوني أنتِ أوَّلَ مَنْ أذْهَبُ إليهِ حين أرجعُ بَلَدِي إنْ شاءَ الله لتكُونِي أنتِ أوَّلُ مَنْ يُبارِكُ لي لأنِّي أعرفُ كم كنتِ سَتُسَرِّين بنجاحي إن نَجِحْتُ لأنَّكِ كنتِ تُقَدِّرينِ طَلَبَة العِلْمِ كثيرًا وتُشَجِّعينَ على طَلَبِ العِلْمِ ....
رَحِمَكِ الله أيّتُها الشَّمْعَة التي أَفْنَتْ كُلَّ حَياتَها لإسْعَادِ مَنْ حَوْلَهَا ... ولرِفْعَةِ شأنِ بَلَدِهَا
فلكِ مِنَّا جَميعًا كُلّ التَّقْديرِ والاحْتِرَام
ودُعاءٌ حارّق مِنَ القَلْبِ أنْ يَغْفِرَ اللهُ لكِ ويرْحَمَكِ
وعَظَّمَ الله أجرَكَم يا آل عابدين بهذا المُصابِ .... بفقيدتكم الغالية ... صبَّرَكُم الله وأعانَكُم
نافذة الشَّرَبَاتِي - ماليزيا