02‏/06‏/2010

119 - رِسَالَة مَفْتُوحَة

رِسَالَةٌ مَفْتُوحَةٌ إِلَى مَعَالِي وَزِيرِ الدَّاخِلِيَّةِ نَايف القاضي

"باسم صاحب الجلالة الملك، إلى من يهمه الأمر، يرجى من موظفي حكومة المملكة ومن ممثليها في الخارج أن يسمحوا لحامل هذا الجواز بحرية المرور وأن يبذلوا له كل مساعدة أو حماية قد يحتاج إليهما"

His Majesty The King of Jordan requests all those whom it may concern to allow the bearer to pass freely and without let or hinderance, and to afford them evey assitance and protection necessary.”

مَعَالِي الوَزِير:

كنا أظن أني أفهم اللغة العربية ومعاني هذه الجملة التي تمثل أمرا لا لبس فيه وإرادة ملكية سامية تطلب من جميع المسؤولين الأردنيين تسهيل تنقلات حاملي الجوازات الأردنية، ولكني لما وجدت أفراد الشرطة يتجمهرون في وجوهنا صباح يوم الاثنين الموافق 19-7 لمنعنا من دخول ميناء العقبة تساندهم تعزيزات من قوات الدرك والشرطة النسائية تصلح لمواجهة جيش مسلح لا مجرد مواطنين عزل ذاهبين في مهمة إنسانية عرفت أن الأمور اختلطت علي فقرأتها بالانجليزية التي أدرسها لعلي أتبين الإشكال وقمت أسأل رجال الأمن: ألا تسمعون لأوامر جلالة الملك؟ فكان الجواب بالإيجاب ، فقلت لهم: كيف إذن لا تطيعون الأوامر وتمنعوننا من مغادرة أرضنا الأردنية بل حتى الوصول لداخل الميناء لحجز التذاكر من شركة العبارات المسماة بالجسر العربي إلا بعد إصرار من جانبنا .

لماذا منعنا رجال الشرطة ؟ هل نحن خصوم؟ أليس من المفترض أن وظيفتهم أن يحرصوا على سلامتنا وحماية ظهورنا لا أن يتسلحوا بعدة مكافحة الشغب لمواجهة أناس من صفوة المجتمع الأردني علما وعملا وانتماء للأردن، أناس من المستحيل أن يفكروا بإيذاء بلدهم أو شرطتها حتى وإن اختلفوا في المواقف، فالأخ لا يشهر السلاح في وجه أخيه، ومن روع مسلما روعه الله يوم القيامة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم .

مَعَالِي الوَزِير:

إننا لم نحمل معنا جوازاتنا فقط بل حملنا معنا صورة الأردن العظيم وقلوب ودعوات أهله الشرفاء في هذه المهمة الإنسانية، ولبسنا علمه وتزينا باسمه سفراء لرسالته في رفع الظلم ونصرة المستضعفين كان مؤلما معاليك أن نرى الوفود الأجنبية تسرح وتمرح ونحن موقوفون كالمجرمين يتطلع إلينا الداخل والخارج بنظرة استهجان، والشرطة لا ترفق بنا فتستجيب لطلبنا بالجلوس تحت المظلات هربا من لظى الشمس وفينا الكبير والمريض .

كان مؤلما أن تسمع بعض الغاضبين يقارنون بيننا وبين حملة جوازات الدول الأوروبية الذين يعاملون بكل احترام وتقدير وقد تمكنوا من دخول غزة بقوافلهم بينما القافلة الأردنية الشعبية الأولى تجهض في مهدها وتوأد في عقر دارها!!

كان مهينا أن يكون الحل في رأيهم الحصول على جنسية أوروبية لضمان الاعتراف وحسن المعاملة، أو الخروج ضمن القوافل الأوروبية التي تلاقي الصعاب ولكنها بالنهاية تصل الى هدفها في المشاركة في كسر أطول وأظلم حصار عرفه التاريخ الإنساني .

وأسأل معاليك : ألم يكن كافيا أن نخرج باسم بلدنا الأردن ليتم تسهيل عبورنا؟ لماذا نحتاج الى الانضواء تحت جناح الأوروبيين ليصبح لنا اعتبار وقيمة عند السلطات الرسمية؟ ألا تكفي المظلة الأردنية لنجاح مهمتنا أسوة بشعوب العالم والجهود الشعبية التي ساهمت في رفع الحصار عن غزة؟ نفهم المنع والتآمر من العدو كما حصل مع أسطول الحرية، ولكن كيف نفسر ما يفعله الأخ والصديق؟! لقد خرجنا ونحن نأمل أن حكومتنا تدعمنا وتستجيب لأوامر سيد البلاد في رعايتنا!

مَعَالِي الوَزِير:

لقد مات الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد منذ زمن ولكن روحه كانت حاضرة معنا ونحن عالقون في ميناء العقبة خارجون منه بخيبة ثقيلة نردد:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند

د. ديمة طارق طهبوب

01‏/06‏/2010

118 -- عَنْ قُرْبٍ

نَائِل البَرْغُوثِي عَنْ قُرْبٍ ..

جاءت أسماء النقليات من سجن عسقلان إلى سجن إيشل بئر السبع وبدأ الشباب كل يرسل سلامه إلى الأسرى في السجن الجديد. أسم تكرر عند الجميع وشددوا على إيصال سلام خاص له هو نائل البرغوثي _أبو النور_ عميد أسرى العالم. صورته في المخيلة بعد أن أمضى اثنان وثلاثون عاما في الأسر،لابد أن السجن قد أكل عليه وشرب،هذه الصورة سرعان ما تبددت في حفل التعارف للأسرى الجدد. فإذا بي أمام شاب في ريعان الشباب يضج حيوية

تنظر إليه فتشعر أنك أمام فلاح فلسطيني أصيل بكل معنى الكلمة يتحدث بلهجة كأنه جاء من بلدة كوبر -رام الله بالأمس القريب. يتحدث عن الأرض والأشجار والزراعة بعشقٍ، دائم الابتسام والمرح مع الجميع، وتلمس التواضع حين يسرع بالتعرف إلى كل أسير جديد، والغالبية منهم قد ولدوا بعد اعتقاله. ويتابع أدق تفاصيل الحياة في البلاد ويهتم بكل حدث أو خبر يجري على هذا الأرض.ولا غرو، فهذا حال المحبين يترقبون أي خبر عن المحبوب

راح يسألني عن أخبار الخليل ومجريات الأمور فيها وعن أسماء العديد من الأسرى الذين مروا في هذه السجون .أخبارهم.. أحوالهم وحتى أفكارهم .. وهكذا مع كل أسير يسأله عن بلده وأهلها .. يهتم بتفاصيل الأحداث وما وراءها

إذا خرجت إلى فورة الرياضة _وهي فترة يسمح فيه للأسير بلعب الرياضة _ الساعة السابعة صباحا_ فأبو النور أحد المواظبين على الخروج تراه يركض كل يوم وكأنه ابن العشرين ،يمارس التمارين وهو يضع السماعات في أذنيه لا يريد أن يفوته أخبار الصباح. وفي دورة كرة السلة الأخير في المباراة الأولى _أوائل شهر نيسان الحالي_ حيث اعتاد الأسرى على تنظيم بطولات رياضية تنافسية فيما بينهم يفوز فريق أبو النور بفارق كبير ويسجل هو شخصيا أكثر من نصف أهداف الفريق. وحينما نلعب تنس الطاولة يقول لي بتحدي: لا أعرفك ولا تعرفني. بالرغم من العلاقة المميزة بيننا، يفوز مرة وأفوز أخرى ولا يزال التحدي قائما

أما من الناحية السياسية، فحدث ولا حرج ، تاريخ فلسطين، تاريخ الحركة الوطنية ، تاريخ الحركة الأسيرة، النظرة الثاقبة المتوازنة للأمور ، الصمود والثبات , كلها مفردات تجدها وافرة عند ذلك الرجل حين يحدثك عن الواقع الحالي أو مفاصل الحركة الوطنية تشعر أنك أمام شاهد على العصر ، له نظرة تحليلية ناقدة مستفيدة من تجربة الشعوب الأخرى في مسيرتها نحو التحرر الوطني. يضع الأمور في سياقها التاريخي وضمن تسلسلها المنطقي وأحيانا كثيرة يفاجئك بتفاصيل دقيقة لم تتناولها وسائل الإعلام لتتضح صورة كانت غائبة

وله العديد من المواقف الصلبة المبدئية ، خالف التيار السائد حينها ثم لم تلبث الأمور ان انجلت عن صدق رؤيته، ومن ضمن هذا العطاء لا يزال أبو النور يدرس الأسرى عن جغرافيا فلسطين ويزدحم الأسرى لتسجيل هذا المساق معه ، فتلمس شاعرا يغازل محبوبته حيت يصفها .. وترى وفاء لكل شبر وكل خربة وكل قرية ، فيخيل لك أنه زار كل تلك البقاع وعاش فيها وهو الذي اعتقل ولم يتجاوز الواحد والعشرين من العمر

في الحفل الذي أقامه الأسرى كإشارة وفاء لرمز الوفاء قال في تواضع صريح "إن كل ما قدمناه بسيط أمام ما قدمه غيرنا" ينظر إلى نفسه كجندي في جيش ذهب أكثره إلى دار الحق.. والمسيرة مستمرة بالتعاون مع كل الشرفاء

فإلى عميد الأسرى أقول: لك مني التحية والوفاء وأنت تدخل عامك الثلاث والثلاثين في سجون الاحتلال وأسأل الله أن يكون الفرج عنك وعن كل إخوانك قريبا إنه مجيب الدعاء

نشر السـبت 05/06/2010 الساعة 17:46

د.أمجدالحموري - سجن بئر السبع

117 - لا تَحْزَنُوا.. فَالإنْجَازُ عَظِيمٌ


لا تَحْزَنُوا.. فَالإنْجَازُ عَظِيمٌ

عبد الباري عطوان

مِن المؤكد ان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي وافراد حكومته اليمينية المتطرفة، لا يتخيلون حجم الانجاز الكبير الذي قدموه الى الشعب الفلسطيني، والامتين العربية والاسلامية باقترافهم مجزرة سفن قافلة الحرية في عرض البحر المتوسط، وقتل حوالي عشرين من المجاهدين على ظهرها واصابة العشرات.

صحيح اننا خسرنا عشرين شهيدا معظمهم من الاتراك، ولكننا كسبنا اكثر من سبعين مليونا من ابناء الشعب التركي الى جانب القضية المركزية الاسلامية الاولى، واصبحوا يقفون بصلابة في الخندق الآخر المقابل لاسرائيل.

الدماء التركية التي تعانقت مع نظيراتها الجزائرية والفلسطينية واكثر من خمسين جنسية اخرى من مختلف الوان الطيف الاسلامي والعالمي، هذه الدماء كانت بمثابة المفجر لصحوة عارمة على طول تركيا وعرضها وقد تدفع بالكثيرين للمطالبة بالثأر لها بالطرق والوسائل كلها.

المجازر التي ترتكبها الحكومات الاسرائيلية سواء على الارض في غزة او في البحر باعتراض سفن الاغاثة تعادل جهد عشرات السنوات ومئات المليارات التي يمكن ان ينفقها العرب والمسلمون لفضح الوجه الدموي البشع للغطرسة والغرور الاسرائيليين على مستوى العالم بأسره.

الفضل كل الفضل يعود الى مجموعة من المجاهدين قرروا ركوب البحر انتصارا للمحاصرين المجوعين في قطاع غزة، فهؤلاء المتطوعون المدنيون الذين يتصدون للظلم الاسرائيلي بصناديق الدواء واكياس الاسمنت، واكياس الدقيق وعلب الزيت، ويرفضون الرضوخ لاوامر القراصنة الاسرائيليين بالعودة الى حيث اتوا، حققوا معجزات لم تحققها جيوش عربية جرى انفاق مئات المليارات من الدولارات على تسليحها وتدريبها وعلفها وتسمينها.

قافلة الحرية هذه جاءت هدية من الله لنصرة المحاصرين المجوعين في قطاع غزة، وصاعقة ربانية اصابت اسرائيل وحلفاءها في مقتل.

اولا: فضحت التواطؤ الرسمي العربي مع الحصار المفروض على قطاع غزة، وكسرت كل عمليات التعتيم والتضليل الاعلامي المستمرة، واعادت القضية الفلسطينية كلها، وليس حصار غزة الى صدر الاحداث مجددا.

ثانيا: اظهرت ردود الفعل الدولية المدنية والرافضة لهذا التغول الاسرائيلي في مواجهة اناس عزل ان الحكومات العربية، خاصة تلك التي انخرطت في معاهدات سلام مع اسرائيل غير معنية بمأساة المحاصرين او الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا للفت الانظار الى مأساتهم. فالاردن ومصر على سبيل المثال اكتفيا باستدعاء السفير الاسرائيلي في عمان والقاهرة للاحتجاج، تماما مثل السويد والنرويج واسبانيا.

ثالثا: لاول مرة نرى المصالحة الفلسطينية اكثر قربا من اي وقت مضى، فقد ادانت سلطة رام الله المجزرة الاسرائيلية، واعلنت الحداد ثلاثة ايام تضامنا مع ضحاياها، وطالبت بعقد جلسة طارئة لمجلس الجامعة، واخرى لمجلس الامن الدولي. هذا يعني ان المصالحة الحقيقية يمكن ان تتم على ارضية المقاومة، وليس على ارضية المساومة والمفاوضات العبثية.

رابعا: هبطت المجزرة والقرصنة الاسرائيليتان باسرائيل الى مستوى القراصنة، مع فارق اساسي وهو ان القراصنة في اعالي البحار لا يمثلون حكومة تدعي انها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ورسول قيم الحضارة الغربية، والاكثر من ذلك ان هؤلاء القراصنة تعرضوا هم انفسهم للقتل وفي افضل الاحوال للمثول امام محاكم غربية كمجرمين، ونأمل ان يواجه الاسرائيليون، وخاصة ايهود باراك الذي خطط لها، ونتنياهو الذي اقرها وباركها المصير نفسه، اي المثول امام المحاكم الدولية كمجرمي حرب.

خامسا: جاءت هذه العملية الاجرامية الدموية الاسرائيلية بمثابة عجلة انقاذ لايران ولرئيسها احمدي نجاد، فقد اظهرت للعالم باسره ان اسرائيل وليس ايران التي تهدد الامن والسلام العالميين وترتكب جرائم ضد الانسانية الواحدة تلو الاخرى.

سادسا: كان رد فعل الحكومتين البريطانية والامريكية مخجلا للغاية، ويشكل وصمة عار في تاريخهما، ويهدد فعلا ارواح جنودهما في العراق وافغانستان لانحيازهما الفاضح للمجازر الاسرائيلية، فحكومة بريطانيا التزمت الصمت بينما اكتفت ادارة الرئيس اوباما، التي ترعى العملية السلمية، بالتعبير عن الاسف لسقوط قتلى وجرحى، وقالت انها تعمل لمعرفة 'الملابسات' المحيطة بهذه المأساة.

سابعا: المتطوعون الذين كانوا على ظهر السفينة 'مرمرة' التركية ومعظمهم من النواب والسياسيين واعضاء منظمات انسانية، اظهروا شجاعة نادرة يستحقون عليها التهنئة، عندما رفضوا الاستسلام لقوات الكوماندوز الاسرائيلية التي اقتحمت سفينتهم واعتدت عليهم، وقاوموها برجولة تحسب لهم. فقد كانوا يدافعون عن انفسهم وكرامتهم، ويتطلعون الى الشهادة وهم واقفون مثل الرماح.

دروس كثيرة مستفادة من هذه الواقعة المجيدة، ابرزها ان الارادة اقوى من كل الاسلحة الحديثة المتقدمة، والمقاومة باشكالها كافة في مواجهة عدو متغطرس لا يحترم مواثيق او قوانين هي الطريق الامثل لتحقيق الاهداف المنشودة في الحرية والاستقلال والعدالة.

هذه المجموعة المجاهدة المؤمنة بقيم العدالة المنتصرة للضعفاء المحاصرين المجوعين، قدمت نموذجا مشرفا للعالم باسره باصرارها على المضي قدما في مسيرتها رغم الصعوبات العديدة، ورفضت كل التهديدات وعمليات الترهيب والارهاب.

المجزرة الدموية الاسرائيلية هذه التي استهدفت القافلة وابطالها، تؤرخ لبدء العد التنازلي لانهيار النظام العنصري الاسرائيلي البغيض، مثلما تؤرخ لنشوء قوة شعبية عربية واسلامية تتجاوز انظمة التواطؤ والعجز المفتعل وترسخ لوحدة الشعوب جميعها خلف قضايا الحق والعدل.

نقول شكرا للشعب التركي وقواه الحية، وشكرا ايضا للحكومة التركية بقيادة رجب طيب اردوغان ورفيق دربه عبدالله غول على تبنيها لقوافل كسر الحصار، وتسخير موانئها كنقطة انطلاق لها، وهي خطوة لم تقدم عليها الغالبية الساحقة من الحكومات العربية، والكبرى منها على وجه الخصوص.

واخيرا لا يمكن ان ننسى او نتناسى الشيخ الرائد رائد صلاح والمطران كبوجي وكل الشرفاء الآخرين، الذين واجهوا الرصاص الاسرائيلي بصدورهم العامرة بالايمان ولم ترهبهم الطائرات والقنابل والرصاص الحي، فهؤلاء رموز الانسانية قبل ان يكونوا رموز الامة، ونأمل ان يكونوا بخير لكي يواصلوا المسيرة ويعيدون الكرة مرة اخرى.

ابناء غزة المحاصرون، الذين ابتدعوا القنابل البشرية، وصنّعوا الصواريخ، ودخلوا التاريخ بهندسة الانفاق لكسر الحاصر، والوصول الى قلب المستوطنات والقواعد العسكرية الاسرائيلية، هؤلاء الذين اصطفوا على طول الشاطئ لاستقبال ابطال القافلة وسفنهم سيزدادون ايمانا بعدالة قضيتهم التي ليست كسر الحصار فقط، وانما العودة الى حيفا ويافا والمجدل والبطاني وعكا والفالوجة والقدس وكل بقعة في فلسطين، هؤلاء ادركوا انهم لا يقفون وحدهم، وان حلمهم هذا بات تحقيقه وشيكا جداً.

من رسالة في بريدي

اختيار : بسمة - كندا