26‏/09‏/2010

124 - القَهْوَةُ المَالِحَة ... الحُلْوَة



كَانَتْ هناك فتاة ملفتة للانتباه ...
كثير مِنْ الشبان كَانَوا يلاحقونها ........
وكَانَ هُوَ شابا عاديا ولم يَكُنْ ملفتا للانتباه...
في نهاية الحفلة تقدم إليها ودعاها إلى فِنْجَان قَهْوَة
تفاجأتْ بالطلب ..؟؟
لكنها قبلتِ الدعوة خجلا في الكافتريا ..
كَانَ مضطربا جدا ولم يستطع الحديث .........
هِيَ بدورها شعرت بعدم الإرتياح
وكَانَتْ عَلَى وشك الإستئذان .. وفجأة أشار للجَرْسُون
قائلا: رجاء أريد بعض المِلْح لقَهْوَتي
‏الكل نظر إليه باستغراب، واحمر وجهه خجلا ،ومع ذلك وضع المِلْح في قَهْوَته وشربها
سألتْهُ بفضول : ‏لماذا فعلتَ ذلك ... هل هِيَ عادة ؟؟ "‏تقصد المِلْح عَلَى القَهْوَة"
رد عليها قائلا : عندما كنتُ صغيرا ، كنتُ أعيش بالقرب مِنْ البحر كنتُ أُحِبُّ البحر وأشعر بملوحته ، تماما مثل القَهْوَة المَالِحَة الآن ، كل مره أَشْرَبُ القَهْوَة المَالِحَة أتذكر طفولتي ، بلدتي .... أصدقائي، واشتاق لوالديّ اللذان لا يزالا هناك للآن
‏حينما قال ذلك مُـلأت عيناه بالدموع .... ‏تأثر كثيرا..... كَانَ ذلك شعوره الحقيقي مِنْ صميم قلبه
قالتْ في سرها الرجل الذي يستطيع البوح بشوقه لبلده وأهله لابد أن يكون رجلا محبا ، يشعر بالمسؤولية تجاه بلده وتجاه أسرته ثم بدأت بالحديث عن طفولتها وأهلها، وكَانَ حديثا ممتعا
استمرا في التلاقي واكتشفت أنه الرجل الذي تنطبق عليه المواصفات التي تريدها ذكي ، طيب القلب ، حنون ، ‏كَانَ رجلا جيدا، وكَانَتْ تشتاق الى رؤيته والشكر طبعا لقَهْوَته المَالِحَة !!
‏القِصَّة كأي قِصَّة حب أخرى
"الأمير يتزوج الأميرة" وعاشا حياة رائعة وكَانَتْ كلما صنعت له قَهْوَة ، وضعت فيها مِلْحا لأنه يحبها هكذا ( ‏مَالِحَة )...

و‏بعد أربعين عاما توفاه الله وترك لها رسالة:
‏عزيزتي ، أرجوك سامحيني ، سامحيني عَلَى كذبة حياتي ، كَانَتْ الكذبة الوحيدة التي كذبتها عليك ... ‏القَهْوَة المَالِحَة ! ‏أتذكرين أول لقاء بيننا ؟ كنتُ مضطربا وقتها وأردت طلب سكر لقَهْوَتي، ولكن نتيجة لاضطرابي طلبت مِلْحا !! ‏وخجلتُ مِنْ العدول عن كلامي فاستمريت ، لم أكن أتوقع أن هذا سيكون بداية ارتباطنا سويا !! ‏أردتُ أخبارك بالحقيقة بعد ذلك، ولكني خفتُ أن أطلعكِ عليها !! ‏فقررتُ آلا اكذب عليك أبدا ، وهكذا عشتُ معك حياتي ..........
الآن أنا أموتُ ..... ‏لذلك لستُ خائفا مِنْ اطلاعك عَلَى الحقيقة ، أنا لا أُحِبُّ القَهْوَة المَالِحَة !! ‏ياله مِنْ طعم غريب !! ‏لكني شربت القَهْوَة المَالِحَة طوال حياتي معك ولم أشعر بالأسف عَلَى شربي لها ، لان وجودي معك يطغى عَلَى اي شيء لو أن لي حياه أخرى أعيشها لعشتها معك، حتى لو اضطررت لشرب القَهْوَة المَالِحَة في هذه الحياة الثانية

"""( ‏دُمُوعُهَا أَغْرَقَتِ الرِّسَالَةَ )..."""

وَصَارَتْ تَشْرَبُ القَهْوَة مَالِحَةً

سألها احدهم : ‏ما طعم القَهْوَة المَالِحَةِ ؟
" ‏فَأَجَابَتْ: إِنَّهَا حُلْوَة "

ما يستفاد مِنْ القِصَّة: قد نشرب المُرَّ مِنْ أجل أحدهم، فقط لإننا أُحِبُّبناه ، سواء كَانَ مَا شربناه، عن طريق الأكل، ام المعامله السيئةِ، فنقول تحملنا المُرَّ مِنْ أجل مِنْ نُحــب .


(2)
قَهْوَة مِنْ عَلَى الحَائِطِ


قال الراوي ......في مدينة البندقية وفي ناحية مِنْ نواحيها النائية كنا نحتسي قَهْوَتنا في أحد المطاعم، فجلس إلى جانبنا شخص وقال للنادل إثنان قَهْوَة مِنْ فضلك، واحد منهما عَلَى الحَائِطِ، فأحضر النادل له فِنْجَان قَهْوَة وشربه صأُحِبُّنا لكنه دفع ثمِنْ فِنْجَانين
وعندما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة عَلَى الحَائِطِ مكتوب فيها فِنْجَان قَهْوَة واحد
وبعده دخل شخصان وطلبا ثلاثة فناجين قَهْوَة واحد منهم عَلَى الحَائِطِ، فأحضر لهما النادل فِنْجَانين فشرباهما ودفعا ثمِنْ ثلاثة فناجين وخرجا، فما كَانَ مِنْ النادل الا أن قام بتثبيت ورقة عَلَى الحَائِطِ مكتوب فيها فِنْجَان قَهْوَة واحد
وفي أحد الأيام كنا بالمطعم فدخل شخص يبدو عليه الفقر فقال للنادل فِنْجَان قَهْوَة مِنْ عَلَى الحَائِطِ، أحضر له النادل فِنْجَان قَهْوَة فشربه وخرج مِنْ غير أن يدفع ثمنه
ذهب النادل بعد خروج الفقير إلى الحَائِطِ وأنزل منه واحدة مِنْ الأوراق المعلقة ورماها في سلة المهملات.......

تأثرنا طبعا لهذا التصرف الرائع مِنْ سكَانَ هذه المدينة والتي تعكس واحدة مِنْ أرقى أنواع التعاون الإنساني
فما أجمل أن نجد مِنْ يفكر بأن هناك أناس لا يملكون ثمِنْ الطعام والشراب
ونرى النادل يقوم بدور الوسيط بينهم بسعادة بالغة وبوجه طلق باسم ، ونرى المحتاج يدخل المقهى وبدون أن يسأل هل لي بفِنْجَان قَهْوَة بالمجان ، فبنظرة منه للحَائِطِ يعرف أن بإمكَانَه أن يطلب ، ومِنْ دون أن يعرف مِنْ تبرع به
ولذلك لهذا المقهى مكَانَه خاصه في قلوب سكَانَ هذه المدينة

فأين نحن مِنْ هذه الابداعات الاجتماعية.......

بالتأكيد.... نحن غائبون عن الوعي, بسبب غياب الحرية التي هِيَ مصدر الابداع