12‏/03‏/2009

76 - هَلْ يُمْكِنُ لأُمَّتِنَا أَنْ تَنْهَضَ ؟؟!!

هَلْ يُمْكِنُ لأُمَّتِنَا أَنْ تَنْهَضَ ؟؟!!

- قِصَّة حَقِيقِيَّة -

منذ نعومة أظفاري كُنْتُ أسمعُ والدي (أدام الله ظله علينا) يردِّدُ عبارة : ( عيش وشوف ،ازرع كطن يطلع صوف)!!

كُنْتُ لا أعرف معناها لكنَّ قافيتها عجبتني فَكُنْتُ أرَدِّدُهَا دائما عسى أَنْ أفهمَهَا عند الكِبَرِ ، وكَانَ هذا في ثمانينيات القرن -الماضى .

مضت الأيَّامُ وَدَخَلْتُ مرحله الشباب ،وبدأتُ أُفَكِّرُ فِي حال الأُمّة وبالأخص مجتعنا العِرَاقِيّ فرأيت دِكْتَاتُورًا تُصَفِّقُ له الجماهير بمناسبة وبغير مُنَاسَبَة مع أَنَّهُ أذل القوم وسفك دمائهم . صحيح أَنَّ هناك مَنْ يُجْبَرُ في مناسبة ما أَنْ يُمَجِّدَ الدِّكْتَاتُورِ وَيُصَفِّقُ له لكون حياته تصبح على المحك ، ولكِنْ وَجَدْتُ أُنَاسًا يُمَجِّدونَهُ وَيُصَفِّقُونَ له دون مُنَاسَبَة ويسفكون دماءً مِنْ أجل إرضائِهِ ويصعدون على أكتاف الخَيِّرِينَ وعلى جُثَثِ الأَبْرِياءِ ، فَصَعَدَتْ إِلَى العلا الدُنْيَويَ أراذلٌ وَطُمِرَ أَخْيَارٌ.

بَدَأْتُ أَرَى في أواخرِ التسعينات العَجَبَ العُجَابَ من سُلُوكِيَّات أَبناءِ هذا المُجْتَمَعِ ؛ أُنَاسٌ تَسْعى إِلَى الصُّعُودِ بأَيِّ ثمن دون استحقاق ويجرفون الخَيِّرِينَ في طريقهم ويقتُلُونَ طُمُوحَاتِ آخرينَ وَشُبَّانَ خَيِّرِينَ. فَطَفَا إِلَى السَّطْحِ الكثيرُ من الانتهازيين وأَصبحوا قادة ، وَشَرَدَت الالافُ من الكفاءات ، وَدَارَتِ الأُمورُ بهذه الأُمَّة مِنْ سَيئ إِلَى أسوأ.

بدأ الانترنت يَصِلُنَا في 2002 ، وَبَدَأْتُ أَطَّلِعُ على أَحْوال الأُمم وبالأَخص الغربية، وَوَجَدْتُ أَنَّهُمْ يتقدمون بنفس السرعة التي نتراجع بها ، وأنا أَتساءَل : " نَحْنُ أُمَّةُ فَضَّلَهَا اللهُ عَلَى بقيَّة الأمم ، وَنَحْنُ خير أُمَّةٍ أُخْرِجَت للناس ؛ فَنَحْنُ أهل الدين وَمَنْبَعُ النُّبُوَّة ، والأُمَمِ الغَرْبِيَّة ليست كذلك . اذن ما هذا التَّنَاقُض !؟" .

المُهِمُّ ... أَصْبَحْتُ طبيبًا ، وبلغ عمري 33 سنه ، وتَغَيَّرَ النِّظَامُ ، وسقط الدِّكْتَاتُور، وذهب الظُّلْمُ ، وأَخذتْنِي الغِبْطَةُ ، وَقُلْتُ في نفسي لدينا الفرصَةُ لِنَلْحَقَ بالأمم ؛ فَثَرْوَاتُنَا أَصْبَحَتْ لنا ، وَجَاءَ مَنْ يَعْدِلُ كَفَّةَ المِيزان .

إِلَى أَنْ صَادَفَتْنِي أنا شَخْصِيًّا هذه التَّجْرُبَةُ ..........!

جَائَتْنِي دَعْوَةٌ لحُضُور مؤتمرٍ طبيٍّ في إيطاليا وفرنسا ، وكَانَتْ فُرْصَة عظيمة لشابٍ طموح مثلي أَنْ أَطَّلِعَ عَلَى ما وصلتْ له الأُمَمُ ،ونقل تلك الخبرة إِلَى زملائى ومؤسساتنا الصِّحِّيَّة التي تحتضر والتي تمارس بعضها ممارسات ليس لها علاقه بالطب أصلا!!!

أَخَذْتُ مُوَافقة رئيس القسم وعميد الكليه التي أعمل معيدا بها ، وذهبت إِلَى رئاسة الجَامِعَة لكي أحصل على دعم مالي حسب توجيهات الوزاره التي شجعت المشاركة بتلك النشاطات الثقافية في أوربا ، ووافق رئيس الجَامِعَة ومسؤول القسم المالي على هذا التخصيص بعد شهرين من البيروقراطيه والتأخير !! وذهبت بعدها إِلَى قسم البعثات والعلاقات الثقافية لطبع الكتاب عند السيد............... رئيس القسم ، فدخلتُ إِلَى مكتب ( معاليه ) فوجدتُ رجلا بلغ من العمر عتيا واصفرت أسنانه وازرقت شفتاه من النيكوتين ، فَسَلَّمْتُهُ الكتابَ ، وقرأه وقَالَ:

" انته بعدك صغير ، على هيج مشاركات اذا انته بهلعمر تسافر لاوربا شخليت للكبار!!!" .

فاستغربتُ كثيرا مِنْ رَدِّهِ وَعُذْرِهِ ، وَقُلْتُ له أنا مسؤول رُدْهَةِ الانْعَاشِ الوَحيدة في المُحَافظة، والجمعية الأوربية قد اختارتني للمشاركة ، والمسؤولون الكبار في هذه المؤسسة وافقوا على تخصيص دعم مالي لانجاح المشاركة في هذا المؤتمر، وَكُنْتُ أَوَّلَ السَبَّاقين في هذا المجال . فأخَذَ الكِتَابَ ، وذهب إِلَى رئيس الجَامِعَة ، وَغَيَّرَ هَامِشَهُ ليلغي أمر ايفادي ، وقَالَ : "البكلوريوس يحضرون وِرَشًا تَدْرِيبِيَّةً وليس مؤتمرات ! " .

بعدها بشهر جَائَتْنِي دَعْوَةٌ من جَامِعَة كوبنهاكن الدَّنِمَارْكيَّة لحُضُور ورشة عمل في أمراض القلب ، وأَخذتُ الموافقات الأصولية ، وذهبتُ إِلَى نفس العبقريّ ، وكَانَ هذا في صيف 2008 ، فقَالَ مَعَالِيهِ أَنَّنِي يَجِبُ أَنْ اعرض الموضوع على مجلس الكُلِّيَّة وهو يعلم أَنَّنَا في عُطْلَة صيفيَّةٍ وأَنَّ المجلس لنْ يجتمع من أجلي !! ثم قَالَ بعد موافقة مجلس الكلية أَنَّهُ يَجِبُ عَرْضُهَا على مجلس الجَامِعَة وهو يعلم أَنَّ رئيس المجلس خارج العِرَاق ولن يعود قبل ايلول 2008 ، وكَانَ تدريبي سيبدأ بعد أُسْبُوعَيْنِ فقط من تقديم طلبي ، وأَنَّ تأشيرة الدخول تحتاج إِلَى أُسْبُوعَيْنِ عَلَى الأقل .

هَذَا هُوَ الجَانِبُ الأَسْوَدُ مِنَ القِصَّة ، لَكِن اسْمَعُوا الجَانِبَ الأبْيَضَ....

اتَّصَلْتُ بمسؤولِ التَّدْرِيب ، وكان بروفسورا دَنِمَارْكِيًّا ، لم اتصل به من قبل قط ، وَأخْبَرْتُهُ أَنَّ حُضُورَ التَّدْرِيب على نَفَقَتِي سَيُكَلِّفُنِي مَبْلَغًا طَائلا لا أَسْتَطيعُ الوَفَاءَ بِهِ ، فَأَخْبَرَنِي أَنْ أمْنَحَهُ فُرْصَةً ليَبْحَثَ كَيْفَ يُمْكِنُهُ مُسَاعَدَتِي!!

اتَّصَل بِي بَعْدَ يَوْمَيْنِ وقَالَ لي إِنَّ أَحَدَ المُشَارِكينَ قَدِ انْسَحَبَ ، وفَاضَ بَعْضُ المال لديهم ، فَحَوَّلَهُ لي ليدفع رُسُومَ الإقَامَةِ وَأُجُورَ المُشَارَكَةِ في التَّدْرِيب لي !! فَسَأَلْتُ نَفْسِي : لِمَاذَا لَمْ يَضَع الاستاذ الدَّنِمَارْكِيّ مَا فَاضَ مِنَ المَالِ في جَيْبِهِ ؟؟ أَلا يَعْرِفُ كَيْفَ يَضَعُ اسْمًا وَهْمِيًّا وَ( يَلْغَفَ ) مَا بَقِي من المَالِ كَمَا يَحْصُلُ فِي ( ولايه فرهود!!) .

بَعْدَهُ بِيَوْمٍ اتَّصَلَ بَي وقَالَ إِنَّهُ انْسَحَبَ شابٌ آخر وَفَاضَ مَالٌ آخر!! ، وَأَضَافَ : "سَأَدْفَعُ لَكَ أُجُورِ الطَّيَرَان كَذَلِكَ لِمُسَاعَدَتِكَ فَي الحُضُور! " عَجِيبٌ قُلْتُ فِي نَفْسِي ، لماذا يَسْلُكُ ذَلِكَ الدَّنِمَارْكِيّ مِثْلَ هَذا السُّلُوكِ مَعِي وَأَنا لَسْتُ مِنْ بَلِدِهِ وَلا مِنْ دِينِهِ وَلا مِنْ سِنِّهِ وَلا مِنْ مَرْتَبَتِهِ العِلْمِيَّةِ ؟؟

ذَهَبْتُ إِلَى السَّفَارَة الدَّنِمَارْكيَّة، وَقَدَّمْتُ طَلَبًا للحُصُولِ عَلَى تَأشِيرَة دُخُول ، وَأَجَابَنِي القُنْصُلُ : إِنَّ نِسْبَةِ المُوَافَقَةِ هي 1% فقط !!

"لماذا ؟" عَرَفْتُ بِسُرْعَة ... عادي ... لأنِّي عِرَاقِيّ!

اتَّصَلْتُ بِالرَّجُلِ الطَّيِّبِ ، وَأخْبَرْتُهُ أَنَّ هُنَاكَ مُشْكِلَةً في السَّفَارَة ، فقَالَ أنا سأتَكَفَّلُ بِالأَمْرِ!

اتَّصَلَ الرَّجُلُ بوزَارَة الخَارِجِيَّة الدَّنِمَارْكية ، وَكَفِلَنِي هُنَاكَ ، وَاتَّصَلَ بي وقَالَ : إِنَّ الفيزا قد صَدَرَتْ لِي فِعْلا وَعَلَيَّ الذَّهَابُ لاسْتِلامِهَا!! الأَمْرُ الذي أَثَارَ اسْتِغْرَابَ مُوَظَّفِي السَّفَارَة حَوْلَ سُرْعَة اصْدَارِ الفَيزا ، وَكَيْفَ أَنِّي عَرَفْتُ بِأَمْر اصْدارِها حَتَّى قبل السَّيِّدَ القُنْصُل نفسه ؟!!

وَاسْتَلَمْتُ الفيزا يوم الخميس ، وكَانَ الجُمْعَةُ عُطْلَةً رَسمِيَّةً ، فَلم أَحصل على حجز طيران ، وَعَلَيّ الحُضُور يوم الأحد هناك، فَاتَّصَلْتُ بِالرَّجُلِ الطَّيِّبِ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ مُشْكِلَتِي ، وقَالَ لي سَأَحْجِزُ لَكَ الكترُونِيًّا على الخُطُوطِ البِرِيطَانيَّة وَسَتَصِلُكَ تَذْكَرَةُ السَّفَرِ خِلال دَقَائِق!!

وَفِعْلا وَصَلَتْ !! ذَهَبْتُ إِلَى دِمَشْقَ ، وَرَاجَعْتُ مَكْتَبَ الخُطُوطِ البِرِيطَانيَّة ، وقَالُوا لي إِنَّنِي لا يُمْكِنُنِي الطَّيَرَانَ لِعَدَمِ امْتِلاكِي تَأشِيرَة دُخُول مُؤَقَّتَةٍ إِلَى لُنْدُن حَيْثُ سأهبطُ ( ترانزيت) .

فكَيْفَ أَحِلُّ تِلْكَ المُصِيبَة ، بَعْدَ كُلِّ هَذَا العَنَاءِ لَنْ أَتَمَكَّنَ مِنَ السَّفَِر؟؟!

كَيْفَ تَعْتَقِدُونَ أَنَّنِي وَجَدْتُ حَلا؟ طَبْعًا اتَّصَلْتُ بِالرَّجُلِ الطَّيِّبِ ، وَأخْبَرْتُهُ بالمُشْكِلَةِ ، ( اعْتَذَرَ لِي ) لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِتِلْكَ المَسْأَلَةِ ، وَبَعَثَ لِي تَذْكَرَةً الكترُونِيَّةً أُخْرَى عَلَى مَتْنِ الخُطُوطِ التُّرْكِيَّة ؛ حَيْثُ الأمْرُ لا يَحْتَاجُ إِلَى تَأشِيرَةٍ مُؤَقَّتَةٍ !!!

طَارَتْ بِي التُّرْكِيَّة باتِّجاه كونبهاكن ، وَأنا أكاد لا أُصَدِّقُ ما فعله ذلك البروفسور . لمَاذَا قَدَّمَ لِي هَذَا العَوْنَ الفَائِقَ وَهُوَ لا يَعْرِفُ عَنِّي أَيَّ شَيءٍ ، وَكُنْتُ أُقَارِنُ دَائِمًا مَوْقِفَهُ مَعَ مَوْقِفِ ( المُسْلِمِ ابنِ بَلَدِي ) مَسْؤُولِ قِسْمِ البَعَثَاتِ وَالعِلاقَاتِ الثَّقَافِيَّهِ فِي جَامِعَتي

في الدَّنِمَارْك شَاهَدْتُ قَوْمًا آخَرِينَ وَأخْلاقَ أُخْرَى وَتَوَجُّها آخَر يَخْتَلِفُ عَنْ مَا شَاهَدْتُهُ فِي بَلَدِي اخْتِلافًا عَظِيمًا!!

عندما رَجِعْتُ إِلَى العِرَاق سَأَلَنِي زُمَلائِي : مَاذَا تَعَلَّمْتُ ؟

أَجَبْتُهُم : عَرِفْتُ ( ليش اللهُ مُوَفِّقُهُمْ ) .

والانَ تَمَّتِ الإِجَابَةُ عَلَى تَسَاؤُلاتِي مُنْذُ الصِّغَرِ :

لِمَاذا الأُمَمُ الغَرْبِيَّة في عِلِّيِّينَ وَأُمَّتُنَا أَسْفَلَ سَافِلينَ!!

قِصَّةٌ مُوَجَّهَةٌ إِلَى جَمِيعِ العِرَاقِيّينَ

نَعِيبُ زَمَانَنَا وَالعَيْبُ فَينَا وَمَا فِي زَمَانِنَا عَيْبٌ سِوَانَا

وَرَحِمَ اللهُ نِزَار قَبَّانِي عِنْدَمَا قَالَ:

نَصْنَعُ مِنْ أَشْرَافِنَا أَنْذَالا ، نَصْنَعُ مِنْ أَقْزَامِنَا أَبْطَالا

نَرْتَجِلُ البُطُولَةَ ارْتِجَالا ، تَنَابلا كُسَالَى

وَنشْحَذُ النَّصْرَ عَلَى أَعْدَائِنَا مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى

أَرْوَاحُنَا تَشْكُو مِنَ الإِفْلاس

أَيَّامُنَا مَحْصُورَةٌ بَيْنَ الزَّارِ وَالكَأسِ وَالنُّعَاس

هَلْ نَحْنُ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاس ؟؟

نَحْنُ أُمَّةٌ لا يُمْكِنُ أَنْ تَنْهَضَ عَزِيزي القَارِئ !!!!!

د.معتز الصَّباح

من تعليق لـ "غير معروف "
الخميس, مارس 12, 2009 5:32:00 م .
والقصة منشورة في موقع للشيعة " كتابات " : http://www.kitabat.com/i51231.htm
وللكاتب في الموضوع نفسِهِ ، وفي الموقع نفسه مقالا آخر بعنوان :


السَّيِّد المَسْؤول

جاء في محكم الكتاب الكريم (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ) صدق الله العظيم. كان فيه شرح مفصل للمَسْؤوليه الجمه التي يتحملها (السَّيِّد المَسْؤول) في الشَّرِيعَة الإِسْلاميه وهي الدُّسْتُور الذي وضعه الله للمسلمين وأخبرهم أنهم بالتزامهم به سيكونون(خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) ولكن هذا في حالة التزامهم بهذا الدُّسْتُور!! الا أن أمتنا الرشيدة وبسبب ابتعادها عن هذا النهج القويم ودستور الشَّرِيعَة السمحة وصل إلى ما وصل إليه من انحطاط وتدهور وتفكك ونزاعات وانهيار ومما زاد (الطين بله) انعدام الدور الرقابي وعندما أقول انعدام أنا أعني بها عدم وجود وليس ضعف!

فلننظر كيف تفهم مجتمعنا الإِسْلامي أخص بالذكر الإِسْلامي لأنه معني بتطبيق دستور الشَّرِيعَة السمحة الواردة في كتاب الله العزيز:

المَسْؤول يا سيدي في مُؤَسَّسَاتنا

يعتبر نفسه مالك المُؤَسَّسَة التي يديرها ونسي أنه مُوَظَّف دولة ويعتقد أن مُوَظَّفي المُؤَسَّسَة هم من خدم حاشيته ونسي أنهم مُوَظَّفي دولة مثله بالضبط ولهم حقوق وعليهم واجبات مثله بالضبط وأنهم يستلمون رواتبهم من الحُكُومَة وليس من سيادته!!

وكثيرا ما يكون سيادته لم يبلغ ذلك المنصب لكونه ( تكنوقراط جدا) بل لأنه جاء من طرف الجهة الفلانية أو بسبب الظرف الفلاني فنرى سيادته يتقلب في فراشه ويستمتع بأحلام صاحب الجلالة وربما يذهب إلى أكثر من ذلك ويتفرعن ويرى فرعون في منامه ويستمع إليه وهي يقول (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).

يري سيادته أن بإمكانه أن يفصل القانون على مقاسه ويقصى فلان ويكرم فلان ونرى أناس بعيدون كل البعد عن المهنة أصبحوا ( تكنوقراط من الطراز الأول ) ومحترفين أصبحوا بين ليلة وضحاها أناس غير أكفاء !!!

بأي صفة يقوم المَسْؤول ...

عفوا السَّيِّد المَسْؤول يقوم بإهانة مُوَظَّف أمام مرأى ومسمع الجميع ؟؟!! هل لأنه أخطأ ؟ ألا يوجد لديك يا صاحب الجلالة والسمو!! قانون وتعليمات وصلاحيات تحاسب هذا المقصر بطريقة لائقة بعيدا عن التجرد من الخلق الرفيع الذي من المفروض أن تتمتع به أول من يتمتع من مُوَظَّفي الدولة !!

بأي حق من الحقوق يقوم السَّيِّد المَسْؤول بمنع استحقاقات المُوَظَّف المالية ( لأنه لا يرتاح له)! نعم صدقوني قالها أكثر من مَسْؤول جهارا


ألا يوجد جهاز رقابي يرى كيف يتصرف مَسْؤولية ؟؟

هل يحمي السَّيِّد الوزير عدم معرفته بسوء تصرف مَسْؤولية في الدوائر التابعة لوزارته ؟؟

فالسَّيِّد الوزير يقف في قمة الهرم وعدم معرفته بسل وكيات مَسْؤولية يزيد من الطين بله !!

(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ)

لو كان السَّيِّد المَسْؤول يا إخوتي يخشى إجراء ردعي من قبل من جعله ( سيدا مَسْؤولا) لما تمادى في سلوكياته السيئه!!

أعتقد إن عميدا لكلية ما لن يسئ السلوك مع منتسبيه إذا أدرك أن رئيس جامعته قد وضعه تحت المجهر وأنه لن يفلت من أي إساءة وأن مديرا لمستشفى ما لن يسئ إذا أدرك أن مديره العام يراقب سلوكياته والأخير لن يتمادى إذا كان وزيره راقب عن كثب سلوكياته

وهذا هو من صلب عمل المَسْؤول الأعلى ما دام الأخير قد قبل بتولي تلك المَسْؤولية وهي ثقل كبير لا يدركه الكثير للأسف ويفر منها من يخاف الله ويعد العدة ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولكنه ابن ادم الذى قبل أن يحمل الأمانة في الوقت الذي أبت الجبال حملها!!

لماذا لا تنظم الوزارات دورات تثقيفية ( للسادة المَسْؤولين) تنورهم بها بتعريف السَّيِّد المَسْؤول وواجباته وكيفية التعامل مع مُوَظَّفي الدولة وتذكره أنه ليس خالدا في منصبه هذا وأن سموه قد يستيقظ صباحا ويجد نفسه في الدرك الأسفل من مُؤَسَّسَته والتاريخ القريب والبعيد يحمل أمثلة عدة كافية لسموه (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى)

ومما يزيد من مَسْؤولية الحُكُومَة الحالية أنها حُكُومَة مكونة من أحزاب إِسْلامية شعارها تعاليم الشَّرِيعَة السمحة وكتاب الله وليست حُكُومَة علمانية !!


أنا أقترح تشكيل لجنة رقابة لكل وزارة تحمل

موقعا إلكترونيا خاصا تستقبل شكاوى المُوَظَّفِينَ وابلاغاتهم حتى نتخلص من سلسلة المراجع الذين قد يكونوا جزء من عصابة السَّيِّد المَسْؤول ويوئدوا طلب المَظْلُومين وينتصروا ل( فرعون) في حينه لا يبقى للمَظْلُوم ألا أن ينتظر الباري عز وجل وهو يأخذ السَّيِّد المَسْؤول (أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ) لأنه يثق بعدالة خالقه ويدرك أن مثقال ذرة شرا لن يغفل عنه .

د.معتز الصباح