03‏/06‏/2009

86 - يَحْدُثُ فَقَطْ فِي مَدَارِسِ البَنَاتِ

يَحْدُثُ فَقَطْ فِي مَدَارِسِ البَنَاتِ

أمل زاهد

صدق أو لا تصدق عزيزي القارئ :
ليس للمديرات أو المعلمات في مدارس البنات في المنطقة الشرقية الحق في تبليغ الدفاع المدني والاتصال به حتى لو رأين ألسنة النيران تأكل المباني وتقصف الأرواح ؟! وعلى المديرات ونظيراتهن من المعلمات أن يتظاهرن بالعمى والبكم والشلل، ويغمضن أعينهن عما يرينه من أهوال في حال نشوب الحرائق ثم يمتثلن لقضاء الله وقدره، ويتركن الحرائق تبتلع المباني وتحصد النفوس البريئة دون أن يحركن ساكنا!
وليس لهن أن يتعاطفن مع بكاء طفلة أو صراخ صغيرة تنشب النار في ضفيرتها أو تأكل شعلة اللهب (مريولها )، ويجب وحتما ألا يكترثن بنظرات الفزع وهي تقفز من الأعين البريئة، ولا يلقين بالا إلى صرخات الاستغاثة ونداءات الاستنجاد المنطلقة من الحناجر المتجمدة هلعا .. فذاك لعمري من المحظورات والممنوعات في مدارس البنات في الشرقية!
بل فوق هذا وذاك عليهن أن يتعالين على بشريتهن ويلغين من قاموسهن حب الحياة الفطري، والذي جبل الله تعالى النفس البشرية عليه لتبتعد عن الأخطار وتنجو بنفسها من النوازل! وليس لهن إلا الصمت المهيب والسكوت المقدس حتى لو أحسسن بحرارة النيران وشدة لظاها تحرق أجسادهن وأجساد طالباتهن! فاعلم رحمك الله عزيزي القارئ أنه خير للمديرة والمعلمة والطالبة الذهاب لقبورهن طائعات مختارات ممتثلات لأوامر إدارة التعليم، من أن تراهن عيون رجال الدفاع المدني، أو أن تلمسهن يد أحد رجال المطافئ ( بالخطأ ) وهي تحاول إنقاذهن!
ما سبق عزيزي القارئ ليس ضربا من المبالغة أو صورة قاتمة من الممكن أن تراها فقط في كوابيسك! ولكنه حقيقة لاذعة المرارة وأمر واقع يحدث حصريا في مدارس البنات، حرصا على الخصوصية السعودية وسدا للذرائع وكتما لأنفاس الفتن! نعم هذا هو الخبر الذي نشرته أكثر من صحيفة سعودية والذي أكد فيه اللواء حمد الجعيد ليس فقط منع المعلمات والمديرات من التبليغ عن الحرائق، بل وجود مخالفات لاشتراطات الأمن والسلامة في مدارس البنات في الشرقية! كما أكد سعادة اللواء أيضا أنهم وصلوا إلى طريق مسدود مع إدارة التعليم التي ترفض الكشف على المدارس وإزالة السياجات الحديدية من المدارس ليتسنى للدفاع المدني إخماد الحرائق، مما حدا بالدفاع المدني إلى اللجوء إلى إمارة المنطقة علّه يصل لحل لهذه الإشكالية، فالحرائق تتكاثر يوما بعد يوم في مدارس البنات حتى وصل عددها إلى المائتين وستين حريقا خلال الخمس سنوات الماضية!
ولا تتعجب عزيزي القارئ من عدم الاهتمام بقواعد السلامة ولا من رفض إدارة التعليم التفتيش على مدارسها، ولا من منعها لمنسوباتها التبليغ عن الحرائق، فتلك الأرواح ( الشريرة ) الحاملة لميكروب الأنوثة أرخص من أن تحرص الإدارة على سلامتها أو أن تتحوط حتى لا يصيبها مكروه .. ودفنها بعوراتها خير من فضيحة رؤية رجال الدفاع المدني لها!
والقضية ليست متعلقة فقط بالمنطقة الشرقية وما حادثة احتراق الطالبات في مكة المكرمة عنا ببعيد!
ولتتأكد من الحرص على أرواح الطالبات والمعلمات في مدارس البنات انظر من حولك عزيزي القارئ لترصد كم مدرسة من مدارس البنات آيلة للسقوط في مدينتك، أو كم هو عدد تلك الأخرى التي تتوفر فيها شروط السلامة! أما عن البيوت المستأجرة والمحّولة إلى مدارس لا تدخلها شمس وليس فيها فناء ( يوحّد الله ) فحدث ولا حرج! ولا تحزن على هؤلاء الطالبات ولا تبتئس على حالهن، فوضعهن مميز جد .. فمن غيرهن لها ميزة ( التفسح ) صعودا وهبوطا على درج المدرسة ؟!
واحتراما للصمت المهيب عن التبليغ على الحرائق، وحلا للإشكالية اقترح على كل أب وأم شراء معطف واق من النيران لابنتهما جنبا إلى جنب مع مريول المدرسة والكتب والكراريس، وتزويدها بأسطوانة إطفاء للحرائق حرصا على سلامتها وذلك حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا!
من التعليقات : اختيار سحر الخطيب

مَنْقُول عنِ " الوَطَن" :
الأحد 11 ذو القعدة 1429هـ الموافق 9 نوفمبر 2008م العدد (2963) السنة التاسعة
http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=2963&id=8134&Rname=209