13‏/01‏/2009

57 - غَزَّة مُنْتَجَعٌ صِحِّي سِيَاحِي

غَزَّة مُنْتَجَعٌ صِحِّي سِيَاحِي

بقلم الدكتور محسن الصفار

دخل سَعِيد الصحفي الشاب على رئيس تحرير المجلة التي يعمل بها منذ أشهر قليلة بعد أن استدعته سكرتيرة الرئيس، دخل سَعِيد فإستقبله رئيس التحرير بحفاوة قائلاً:

- عزيزي سَعِيد أهلاً وسهلاً لقد أثبت خلال الفترة القصيرة التي قضيتها هنا أنك صحفي جاد ومجتهد.

- شكراً لك سَيِّدِي.

- ومكافأة لك فقد قررت أن أدعك تكتب الموضوع الرئيسي لهذا العدد وهو عن حصار غَزَّة.

- شكراً لك سَيِّدِي وهو بصراحة موضوع يهمني جداً أن أكتب عنه لما لغَزَّة من معزّة خاصة في قلب كل عربي يتالم لحصارها الظالم .

- نعم نعم معك حق.

- سأبدأ على الفور يا سَيِّدِي وسيكون مقالاً مدوياً إن شاء الله.

- بارك الله فيك ولكن قبل البدء هناك ملاحظة صغيرة جداً.

- ما هي سَيِّدِي؟

- أنت تعرف أن مجلتنا ليست مدعومة من اشخاص كبار في الدولة .

- القصد؟

- القصد أن مقالك لا يجب أن يتعرض لبعض الحكومات العَرَبِيَّة التي تشارك في حصار غَزَّة بشكل فاعل وتفتخر بذلك، الله يرضى عليك لا نريد مشاكل مع المخابرات والأجهزة الأمنية ونتهم بالاساءة للعلاقات العَرَبِيَّة الاخوية.

- حسناً سَيِّدِي سأراعي ذلك في مقالي مع اني ارى ان العلاقات العَرَبِيَّة لايستطيع احد ان يزيدها سوءا !!.

- بارك الله بك هناك موضوع صغير آخر.

- ما هو سَيِّدِي؟

- أنت تعرف أن مجلتنا توزع في دول أوروبية وأمريكا ولا نريد أن نتهم بدعم الارهاب وتمنع مجلتنا من التوزيع, لذا لا تتطرق إلى المقاومة وحق الشعب الفِلَسْطِيني في محاربة الاحتلال لا نريد مشاكل الله يرضى عليك.

- حسناً يا سَيِّدِي مع اني لاافهم كيف يكون دفاع شعب اعزل عن نفسه مقابل جيش جرار ارهابا !!.

- الله يحسن إليك وأيضاً لا نريد أن نتطرق إلى الأثرياء العرب وصرفهم للملايين من الدولارات على ألعاب نارية وعلى المطربات والراقصات بينما أهل غَزَّة يموتون من الجوع، أنت تعرف أن مصدر دخل المجلة هو من الاعلانات هؤلاء إذا زعلوا منّا فلن نرى إعلاناً واحداً وسنموت من الجوع.

كظم سَعِيد غيظه وقال:

- حسناً يا سَيِّدِي هل من أوامر أخرى؟

- لا يأمر عليك ظالم يا ابني ولكن لا أريد أن أوصيك. لا تتطرق إلى أطفال غَزَّة وهم يموتون جوعاً ومرضاً بينما أجهزة الاعلام العَرَبِيَّة مشغولة بمسابقة ملكة جمال الأغنام وأجهزة الاعلام الغربية مشغولة بكلب عثر عليه الجيش الأمريكي في العراق وتطالب بمنحه حق الجوء السياسي في أمريكا لا نريد أن تزعل منا منظمات الرفق بالحيوان.

- سبحان الله وماذا بعد؟

- لا شيء هذا كل شيء شكراً لك.

- أنت متأكد؟ لا شيء بعد؟ لا نريد أن يزعل منّا أحد لاسمح الله !!.

- ما دمت قد ذكرت ذلك وبما أن حوار الأديان على قدم وساق هذه الأيام فلا نريد أن نتهم بتعطيل هذا الحوار فأرجوا عدم ذكر شيء عن اليهود واضطهادهم للفِلَسْطِينيين واهانتهم لمقدسات المسلمين حسناً؟

- حسناً سَيِّدِي.

خرج سَعِيد غاضباً من رئيس التحرير الذي كلفه بكتابة مقال عن غَزَّة بهذا الشكل. وفي اليوم التالي سلّم سَعِيد المقال إلى رئيس التحرير وكان كالتالي :

غَزَّة مُنْتَجَعٌ صِحِّي سِيَاحِي مِنَ الدَّرَجَةِ الأُولَى

يعيش سكان غَزَّة أجمل أيامهم بعد أن قرروا إتباع نصائح الأطباء في الوصول إلى نمط الحياة الصحية القائم على ترك كل أنواع الطعام التي تساعد على إرتفاع نسبة الكولسترول والضغط والوزن ، وكذلك التخلص من أهم مسببات التلوث وهي مشتقات النفط والبنزين واللجوء إلى رياضة المشي المفيدة للجسم والعقل خصوصا لكبار السن والمعاقين والمرض والنساء الحوامل . أما المستشفيات والعلاج ؛ فقد ثبت بما لا يقبل الشك بأن الدواء التقليدي يسبب الأمراض ويعطل جهاز المناعة لدى الجسم ومن الافضل اللجوء الى طرق العلاج القديمة بالاعشاب ,ولذا فإن أهالي غَزَّة رجالاً ونساء وأطفالاً يتوجهون بجزيل الشكر إلى الحكومات التي تشارك في حصار غَزَّة لما يوفرونه لهم من أسلوب عيش صحي وسليم بعيداً عن مغريات الحضارة الضارة بالصحة ،

كما يسألون الله أن يوفر لكل من شارك في هذا الحصار المفيد والجميل من الحكومات العَرَبِيَّة الفرصة لعيش هذه التجربة الجميلة هو وعائلته وأولاده. وكذلك يتقدمون بجزيل شكرهم وخالص اعتذارهم للحكومة الاسرائيلية عن اضطرارها لتجنيد الاف الجنود للتاكد من عدم وصول المواد الضارة انفة الذكر الى منطقة غَزَّة الصحية .