25‏/01‏/2009

65 - مَشَاهِد

مشهد أول

أمرأة تستيقظ مبكراً لتذهب الى عملها منذ ستة سنوات فقدت أبنائها الثلاث لم يقدر لهم الحياة سوياً وفقدت حبيبها الذى عاشت من اجله .. تتبرع بكامل راتبها وعملها وشقائها اليومى من اجل المحتاجين والمسنين وغيرهم .. ورغم ذلك تعيش حالة من المرح والطاقة المتجددة ورسالتها فى الحياة هى تقديم المال والعلم لمن حولها .. صدقونى لا يوجد جمال أرقى من جمال أن تشعر بأنك تتضيف الى الآخر وتساعده نحو الأمام .. عندها فقط تشعر بأنك أنسان بحق ..

أنها حالة من الرضا الجميل

مشهد ثان

سائق تاكسى ألتقيت به .. فإذا به يعطنى ورقة وقلم لأكتب له الى أين أريد الذهاب لأنه أصم ورغم ذلك يبتسم ويعمل وتأقلم مع الوضع وشعوره الجميل بنعمة الرضا .. وأبتسامته سحرتنى لأنها جميلة جداً .. يجعل الأمر لديه سيان سواء كان يسمع أو لا يسمع .. أنه الأحساس بالرضا ..

مشهد ثالث

موظف كبير وسارق أكبر .. يتلقى عمولات من هنا وهناك

لديه قصر شامخ رغم أن راتبه لا يتعدى ألف دولار فى الشهر

ورغم القصر والثراء .. لا يعرف طعم النوم أو الأستقامة

كل حياته عبارة عن مقابلات خفية فى الظلام .. تشعر بأنه يخاف من شىء ما .. لا يعرف طعم الهناء أو سعادة الرضا بالحال .. وعلى الضفة الأخرى تلتقى بعمال تدطحنهم الشمس كل يوم ورغم ذلك الأبتسامة لا تفارق حياتهم والرضا بالقليل من المال الحلال هو عنوان حياتهم .. تناقض عجيب ..

لكنه تناقض جدير بالتمعن والتفكير ..

مشهد رابع

أثنان من الأخوة .. واحد منهم بار بوالدية وأنسان خير جداً

والآخر عكسه تماماً وشخصيته سيئة جداً لدرجة أن الأم طلبت عدم حضوره عندما تموت .. كانوا فى سعة من العيش وضاع كل شىء .. ظل الشخص البار بوالديه على عهده وحبه لوالدية ومات الوالدين وهم راضين كل الرضا عنه ورغم حالته المادية السيئة جداً ألا انه كان راضى وسعيد ويكافح فى الحياة وكانت لدية قطعة أرض صغيرة .. تقدم له أخوه اللئيم لشراء نصفها فوافق الأخ الطيب وبعد الشراء لم يسدد الأخ اللئيم المبلغ المستحق ولم يدفع جنيها واحداً وبعد سنوات باع نصيبه من الأرض بضعف المبلغ ورغم ذلك رفض أن يدفع لأخيه ثمن نصف الأرض التى باعها وبعد خمس سنوات من الصبر والرضا بالحال .. لعب القدر لعبته وفى مخطط المدينة العام وقعت تلك الأرض فى طريق عمل جسر للدولة فأخذت الأرض من الأخ الطيب ودفعت له تعويض قدره مليون دولار تقريباً .. ليعود الى الحياة الكريمة ثانياً ويكون التعويض المناسب له بعد سنوات الكفاح وأذا كان الأخ الشرير قد صبر ولم يبيع نصيبه كان الآن قد أخذ مليون دولار هو الآخر .. لكن ربك يمهل ولا يهمل .. وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر .. لقد أرسل الله تعالى الخير الى رجل الخير الأخ الطيب لكى يرزق ما حوله من طيبين وبالفعل بدأ الأخ الطيب فى مساعدة كل أقربائه من حوله .. لهذا لا أبالغ أنه واجب مقدس على كل أبن أن يقبل اليدين والقدمين أيضاً لوالده وووالدته وتأكد أنك سوف تشعر بجمال خرافى داخلك وحتى بعد أن يأخذ الله أمانته ستكون سعيداً بنفسك وأنت تتذكر جمال تقبيل يدين وقدمين والدك ووالدتك .. إنها نعمة لا يشعر بها إلا كل من يفكر بشكل صحيح ..

نعمة رضا الوالدين ونعمة الرضا بالحال ..

خلاصة القول ..

أننا قد نلتقى بنماذج مختلفة ومشاهد متنوعة لحالات من الأحساس بنعمة الرضا التى لا تعارض مع الطموح البناء

فليس معنى أحساسى بالرضا والشعور بنعم الله عزوجل على شخصى الفقير لله .. أن هذا الأحساس لا يتعارض مع الطموح فى غداً أفضل .. لكن يجب أن يكون الطموح على أساس مبنية على أرض صلبة .. طموح يبنى على أساس من الأرادة والعمل والأبتكار .. وفى جميع الأحوال أنت لا تملك زمام تغيير قدرك لأنه بيد الله سبحانه وتعالى .. لكن تملك الشكر لله والحمد لله على نعمة الرضا بالحال وتملك أيضاً العقل لتتأقلم مع هذا وذاك وتبتكر وتعمل من أجل حياة كريمة .. لأنه لا مفر أمامك فإذا أردت ان تعيش حياة مليئة بالسعادة والهنا .. فعليك أن تشكر الخالق عزوجل وتحمده على نعمه التى لا تعد ولا تحصى

وأذا أردت أن تعيش حياة بائسة حانقة .. حياة مهزومة مليئة بالغضب والهم والحزن غير المبر أو حتى المبرر .. فعليك بالرفض لقدرك ولكل ما يحدث لك .. وتأكد أنك يا عبدالله لا تملك من نفسك شيئاً .. لكن ما تملكه فقط هو النظر جيداً لكل ما حولك والتفكير ملياً والتمتع بنعمة الرضا على النفس مع العمل وتحصيل العلم ونثر الخير فى كل ما يحيط بك .. ولتعلم جيداً أن نعمة الرضا هى من نعم الله والتى لا تعد ولا تحصى ولا يشعر بها إلا كل محظوظ أنعم الله بها عليه والقضية بمجملها فى رأى الخاص تختصر فى كلمتين ..

فى طريقة تفكيرنا ..

فى طريقة حياتنا ..

فى طريقة عملنا ..

فى طريقة تواصلنا ..

فى طريقة نظرتنا للأمور ..

وأخيرا وليس آخراً لا يسعنى سوى الدعاء والأبتهال للخالق عزوجل أن ينعم علينا دائماً بنعمه التى لا تعد ولا تحصى ومنها النعمة الغالية جداً .. نعمة الأحساس بالرضا ..

من التعليقات :

الأحد, يناير 25, 2009 8:28:00 ص

الراضي دوما