25‏/01‏/2009

64 - الأرْضُ تسِعُ لِلجَميع

زمان جديد

الأرض تتسع للجميع

محمود سعيد

لست أدري أي جمعية حقوق انسان تبنت الدعوي بالضبط، لكني وجدت

(البارحة الجمعة 2009/1/10) رسالة الكترونية تطلب مني الذهاب الي مركز شيكاغو، للمشاركة في مظاهرة احتجاجاً علي ابادة العزل في غزة. الدنيا باردة، درجة الحرارة تحت الصفر، الثلج يتساقط. وأنا بأعوامي السبعين أتحرك ببطء لا أحسد عليه. وعندما وصلت مركز المدينة كاد وقت الاحتجاج أن ينتهي. لكني وجدت عدداً هائلاً من الناس، يرفعون شعارات تتعاطف مع الفلسطينيين في قطاع غزة. الي قبل شهر من الآن كنت أظن أن حدوث مثل هذه المظاهرة شيء أشبه بالمستحيل، فقطاع غزة، يدار من قبل حماس، وحماس منظمة ارهابية في نظر السلطات في الولايات المتحدة. وكل من يعيش تحت سلطة ارهابية ارهابي حتي لو كان في بطن أمه. لكن المعجزة حدثت، وحدث التغيير، هذه هي الدنيا، تتغير دائماً نحو الأحسن. تجمع الآلاف في مركز شيكاغو وفي مدن أخري، ليظهروا للعالم أن شعب الولايات المتحدة، لا حكامها، يحترم حقوق الانسان، يحترم القانون الدول، ليعلنوا احتجاجهم علي العنف، علي الارهاب الحقيقي، علي قتل الأبرياء، علي الابادة الجماعية التي لا مبرر لها مطلقا، والتي ترفضها القوانين كافة، أرضية أم سماوية أم قبلية.

اذن لماذا تحدث؟

معظم المتظاهرين شباب، طلاب مدارس، جامعات، لم يتجاوزوا منتصف العمر. ووجود الشباب في احتجاج كهذا علامة صحية، فلطالما كون الشباب والطلاب رأس حربة اخترقت الممنوعات وأرست لبنات التغيير، لكن وجود العجائز الذين يسمعون في كل لحظة العد العكسي مثلي قليل، لا بل أقل من القليل.

ثم لست أدري كيف التفت الي اليمين، رأيت من هو أسن مني، ربما بخمس سنوات، أمريكي أصيل، بشرة بيضاء’ عيون زرق، نظرات صافية، ابتسامة واسعة معبأة بآمال غد مشرق، سألته: لماذا تشارك في المظاهرة وأنت بهذا السن؟ كاد يضحك: وأنت لماذا تشارك؟

قلت له أنا عربي، وأشعر بضرورة المساهمة.

- حتي أنا.

- أنت عربي؟

- لا، لكن الضرورة نفسها تدفعني الي المجيء. عندما كنت شاباً وقرأت ما حدث للهنود الحمر، أحسست بخجل شديد من أجدادي الذين أبادوهم، فالأرض تسع الجميع. وها أنذا أشترك بهذه التظاهرة كي لا يحسّ أحفادي بالخجل مني.

من التعليقات :

الأحد, يناير 25, 2009 7:06:00 ص

Hope